عرار الإخبارية.. الزيارات(951 ):

جوهرة في زمن مجدب ناهدة الحلبي نبض جديد في قلب الشعر العربي،بعد رحيل العمالقةوالترهل الذي يسيطر منذ ثمانينيات القرن الماضي،شعرها إمارة مستقلة تشبهها.إنها قيثارة تعزف منفردة خارج أوركسترا الشعراء المعاصرين،مقاماتها غير مسبوقة وجديدة.فالقصيدة عند شاعرتنا منصهرة تماما بشخصها،فالقصيدة ناهدة وناهدة القصيدة. كثيرا ما تذهب الى التلميح وغالبا الى التوضيح باحتراف، مصدره الموهبة وسكب الذات،لا التراكيب الحسابيةكما يخيل للبعض،فشاعرتنا كنز إبداع لا لعبة أرقام. عناوين قصائدها ليست هدفا أو زخارفا صنعت أولا،فالعنوان دائما يأتي بعد جلوس قصيدتها على العرش فتبادر القصيدة الى اعتمار التاج.فالعنوان مولود القصيدة وليس مادتها الأولية وملتصق بها روحا ونصا. عندما تقراء قصائد ناهدة الحلبي تصبح كمن يمشي على حد السيف.مشروع جريح في حرب ابياتها الشعرية.هي(لصة )محترفة تسرقك من ذاتك وتدخلك في شرايين قصائدها فلا تنجو من وجع ولا أنين،فتعرف أن القبلة هي رحلة بحث ربما لا تأتي في دوامة البحث عن الذات وهي الموجودة دأئما على متون قصائدها. في شعرها نجد تألقا وتفاضلا بين القصائد وطهر الكلمة المزنرة بالإبداع والموهبة والمروية بأحاسيس وجراحات ناهدة الحلبي.فالقاريء واحد من إثنين:إما عاشق غلبه الحنين،أو عاشق يسكن في ردهة الأمل،وفي الحالين تعود وتستنجد بالقصيدة تسائلها أين أنا؟ لماذا نجعل القصيدة ذبيحة في مسلخ النقد سواء كان سلبا أم إيجابا ،ونهد ركائزها ونعريها أحيانا ونمارس فعل الزنى،أو نمطرها كذبا وفذلكة ومدحا،وفي الأمرين هناك مفعول رجعي سيء يرتد على عبقرية الشاعر فنضيع وزنه ونربكه فيتخلى عن الكثير من إبداعه ونتركه متهيبا رازحا تحت رهبة الخوف والرعب. جميلة المقالات النقدية في شعر ناهدة الحلبي فهي بمجملها أساور من ذهب،ولكن أكثرها غير موشى بحجارة كريمة(والحجارة الكريمة ليست هدايا مجانية بل تقديرا لإبداع ضارب في عمق القصيدة العربية المعاصرة أتقنته شاعرتنا)أنا لا أعني أحدا فالكل رتل صلاته بصدق. شعر ناهدة جاء يوقف نزيفا بداء منذ سبعينات القرن الماضي.واليوم صوت صهيل القصيدة يدلك الى المكان حيث هي ناهدة وشعرها الضارب في أعماق الروح،يأخذك الى مشهدية يتربع على عرشها ملك وحيد إحساس ناهدة الحلبي.