جديد الأخبار
عرار العرب ولكل
العرب
عرار الإخبارية.. الزيارات(311 ): تغريد السعايدة عمان- لم تترك جائحة “كورونا” تفصيلاً في الحياة، إلا وكان لها أثر مباشر فيه، إذ قلبت الموازين ووضعت بصمتها “السلبية” على عائلات مغتربة كانت تتشوق لعودتها في الصيف “فصل المناسبات والتجمعات واللقاءات العائلية”.
الكاتب:
اسرة النشر بتاريخ: الثلاثاء 05-01-2021 10:52 مساء
الزوار: 311 التعليقات: 0 المشاركة السابقة : المشاركة التالية
محرك
البحث جوجل
مجلة عاشقة الصحراء
عرار للتراث الشعبي العربي والعلاج بالاعشاب" البرية"::
مجلة المبدعون العرب التي تعنى بقضايا
التربية والتعليم والثقافة::
وكالة أنباء عرار بوابة الثقافة العربية
غير أن عائلات بالغربة، حاولت أن لا تضيع فرصة اللقاء مع الأهل والأقارب بالأوقات الحالية، وإن كانت لم تستطع القدوم في فصل الصيف مع الاجراءات المشددة، إلا أنها استغلت فصل الشتاء للقدوم وإن كان لبضعة أيام والالتقاء مع العائلة الكبيرة والأحباء، خصوصا بعد أن قل التشدد في اجراءات السفر والحجر المؤسسي.
ومنذ ما يقارب 14 شهراً، لم تتمكن عائلة أبو عبد الرحمن المقيمة في إحدى دول الخليج من العودة إلى ارض الوطن كالمعتاد في شهر حزيران(يونيو) من كل عام، ليكون شهرا كانون الأول(ديسمبر) او الثاني(يناير)، فرصتها لزيارة الوطن والالتقاء مرة أخرى بالعائلة، إلا أن بهجة العودة على الرغم من حميميتها، مختلفة بأجوائها، كما في كل عام.
وتقول أم عبد الرحمن أنها اعتادت منذ سنوات طويلة أن تعود لأرض الوطن في زيارتها المعتادة بفصل الصيف، حيث مناسبات العائلة، التي يتم تأجيلها لحين عودة المغتربين، والرحلات والجلسات العائلية، في ليالي الصيف الجميلة الدافئة، وهو أمر اختلف عليها كلياً لهذا العام الذي حضرت أغلب مناسبات العائلة المختصرة عبر طرق التواصل المختلفة مثل مكالمات الفيديو أو عبر تطبيق “زوم”.
ويؤكد الشاب المغترب معتصم نادر، الذي عاد مؤخراً إلى الأردن، في اجازة عائلية سريعة، أنه استغل اول اجازة سريعة ليعود بها ويرى عائلته، ووالديه، واخوته، واصدقاءه، بعد فترة طويلة من الغياب. ولكنه يتفق بشكل كبير مع أم عبد الرحمن من أن الأجواء تختلف وطبيعة المناسبات التي تُقام في هذه الفترة تختلف كلياً عن فترة الصيف من كل عام، وخاصة في فترة ما قبل كورونا. ويرى معتصم أن المغتربين بشكل عام، دائماً ما يكون الاستعداد لديهم هو العودة خلال فترة الصيف، مع عطلة المدراس للعائلات، وما فرضته جائحة كورونا على العالم أجمع، ساهم في تغيير أنماط كثيرة للأسرة، سواء المغترب أو عائلته، وهذا قد يؤثر على الحالة النفسية للطرفين، أو حتى طبيعة العلاقة الأسرية بشكل عام.
الاستشاري الاجتماعي والأسري مفيد سرحان يؤكد أن ما يميز المجتمع الأردني هو الدرجة العالية من التكافل والتواصل الذي يأخذ أشكالاً متعددة منها زيارة الأرحام والأقارب والأصدقاء والجيران، والالتقاء والتزاور في المناسبات الاجتماعية المختلفة وهي مناسبات جامعة بالرغم من بعض الملاحظات السلبية على الممارسات الخاطئة فيها كالمبالغة في الانفاق وتغليب العنصر المادي على أصل الفكرة الاجتماعية مما يسبب ارهاقا ماليا وجسديا للكثيرين. وكان موسم الصيف هو المفضل لتنظيم المناسبات والحفلات، حيث طبيعة الطقس والعطلات المدرسية والجامعية وعودة المغتربين الذين يعملون في الخارج إلى وطنهم، إذ تترتب مواعيد إجازتهم لتتناسب مع الصيف موسم الحفلات، والتنسيق يكون قبل عام أو عدة أشهر من موعد المناسبة حرصاً على حضور الجميع ليكون الفرح مضاعفاً بحضور أفراد الأسرة والعائلة الكبيرة، كما يوضح سرحان.
ووفق سرحان، فإن المغتربين عادةً ما يستغلون فرصة عودتهم إلى الوطن لزيارة الأقارب والأصدقاء والقيام برحلات أسرية مما يضفي أجواء من الفرح والبهجة والسرور على الجميع، والأطفال في الغربة يتوقون إلى العودة إلى الوطن في الإجازة الصيفية ليلتقوا أصدقاءهم والذهاب إلى بيوت الأجداد والأعمام والأخوال.
غير أن هذه الفترة لم تكن بالسهلة أبداً على نائلة “ام محمود” التي يعمل زوجها في دولة الإمارات، بينما هي تقيم مع أبنائها في الأردن، وكان من العادة أن يعود للاردن في كل عام خلال فترة الصيف وعطلة الابناء، ليقضي معهم وقت ممتع، قد يكون من خلال السفر في رحلات سياحية، او حتى حضور المناسبات الأسرية معهم.
ولكن، بسبب قيود السفر خلال الفترة الماضية، وتأثر طبيعة عمل زوجها، اضطر الزوج إلى البقاء طيلة الفترة الماضية وإلى الآن دون ان تسمح له الظروف زيارة الأسرة ولو لبضعة أيام، كونه مسؤولا بشكل مباشر عن عمله، ولم يكن لديه خيار زيارة الأهل منذ ما يزيد عن السنة، ما أثر على التواصل الأسري بين الأب وأبنائه وزوجته على حدٍ سواء.
“تزوجت أختي ولم أتمكن من مشاركتها حفلة زفافها”، بهذه الكلمات وبنبرة حزن واضحة، تقول آلاء صلاح، التي اضطرت البقاء في الغربة، دون زيارة أهلها في الصيف، وهي التي كانت تنظر تلك المناسبة على أحر من الجمر، وتستعد لها منذ فترة طويلة، على حد تعبيرها. وكغيرها من المغترين، تقول آلاء ان الكثير من الأحداث “الصيفية” لم تتمكن من حضورها، مثل حفلات الزواج، او مناسبات التخرج، حتى وإن كانت مقتصرة على أفراد الأسرة، فهي لحظات فرح تنتظر قدومها وتعيشها في كل صيف، ولكنها للأسف لم تتمكن من حضورها واقتصرت زيارتها على عشرة ايام فقط انتهت قبل أيام بسبب عودة ابنائها للمدرسة في البلد التي تقيم بها.
ومع انتشار وباء كورونا العام الماضي الذي ترك أثره على الجميع في مختلف بلاد العالم كان المغتربون في مقدمة المتأثرين من هذه الجائحة ليس مادياً فقط، بل واجتماعياً أيضاً، كما يرى سرحان، فالمعاناة لديهم مضاعفة سواء من ناحية البعد عن الوطن والأهل والأصدقاء، والقلق الذي يزداد لديهم، خصوصاً أن منهم من يسافر للعمل أو الدراسة دون اصطحاب الزوجة والأبناء.
وهناك آخرون بعيدون عن آبائهم كبار السن وينتظرون موعد الإجازة السنوية للعودة، فكان إغلاق المطارات في أكثر من دولة لمدد طويلة إضافة إلى إجراءات الحجر المؤسسي أو المنزلي عند العودة للوطن بعد فتح المطار جزئياً، جعل العودة صعبة، كما أن الالتزام بإجراءات الوقاية والتباعد الجسدي ومنع إقامة التجمعات لأكثر من عشرين شخصاً قد أثر على طبيعة حفلات الزواج والأفراح والمناسبات.
وهنالك من لم يتمكن من العودة إلى الوطن لعدة أشهر أو لعام كامل مما أثر سلباً على نفسية الأفراد والأهل داخل الوطن، فليس من السهل أن تتزوج الابنة دون حضور الأب أو الأخ أو الأعمام أو الأخوال فهي تعد من أولويات المشاركة الاجتماعية، بل إن بعض الفتيات اضطررن للسفر بعد فتح المطارات لاتمام الزواج خارج الوطن لتعذر حضور خطيبها بسبب الجائحة والإجراءات المتبعة مما حرم الوالدين والأهل من المشاركة في فرح لطالما انتظراها، وبعضهم ما زال مستمراً في تأجيل إقامة حفلة زفافه بانتظار تغير الظروف وعودة الحياة إلى طبيعتها لتحقيق حلمه بالفرح الذي يريد.
إضافة الى هذه الأمثلة التي يطرحها سرحان، فقد لجأ آخرون إلى الاستفادة من وسائل التواصل في تنظيم حفلات “رقمية” و”افتراضية” لبث الحفل مباشرة بمشاركة الأهل والأصدقاء خارج الوطن في محاولة للتخفيف من الآثار الاجتماعية والنفسية على الجميع لشعورهم بضرورة مشاركة الآخر في مثل هذه المناسبات، وهي وسيلة وإن نقلت الصوت والصورة وبعض المشاعر، إلا أنها بالتأكيد لم تلب رغبة جميع الأطراف بل ربما زادت من مشاعر المرارة عند البعض، وهذا يدفعنا إلى التأقلم وأن نتعامل مع الظروف المتغيرة دون أن تتوقف مظاهر الحياة ومتطلباتها الأساسية.