بقلم: الدكتور حسن الطراونة 

مؤاب - لقد بلغ السيل الزبى، وطفح الكيل، ولم يعد بإمكاننا السكوت على الفوضى العارمة التي تعصف بقطاع التأمين الصحي في الأردن. قرار إلغاء النماذج الورقية كان خطوة جريئة ومباركة، ولكنها تحولت إلى كابوس مزعج بسبب غياب التخطيط والرقابة.

إن تعدد الأنظمة الإلكترونية لشركات التأمين الصحي، وعدم التزامها بنظام موحد مثل "حكيم"، وغياب مرجعية رقابية موحدة، يخلق حالة من الفوضى والارتباك في القطاع الطبي. الأطباء والممرضون والصيادلة والمرضى، جميعهم يدفعون ثمن هذا التخبط الإداري.

ماذا يحدث في الواقع؟

 * كل شركة تأمين لديها نظام إلكتروني خاص بها، مما يضطر الأطباء إلى التعامل مع عدة أنظمة مختلفة، وتعلم كيفية استخدامها، وإدخال البيانات فيها بشكل متكرر. هذا يضيع وقتهم الثمين، ويزيد من أعبائهم الإدارية، ويقلل من الوقت الذي يقضونه في رعاية المرضى.

 * عدم وجود نظام موحد يؤدي إلى تضارب البيانات، وتأخير الموافقات، وتعطيل الخدمات الصحية المقدمة للمؤمنين. المرضى يعانون من الانتظار الطويل، والأطباء يعانون من الإحباط والإرهاق.

 * غياب المرجعية الرقابية الموحدة يسمح لشركات التأمين بالتصرف كيفما تشاء، دون حسيب أو رقيب. هذا يفتح الباب أمام التلاعب والاحتيال، ويضر بمصالح المرضى والأطباء على حد سواء.

إننا نطالب بما يلي:

 * توحيد الأنظمة الإلكترونية: يجب على شركات التأمين الصحي التعاون فيما بينها، وتحت إشراف وزارة الصحة، لتبني نظام إلكتروني موحد، أو اعتماد نظام "حكيم" كمنصة رئيسية للتعاملات الإلكترونية.

 * إنشاء مرجعية رقابية موحدة: يجب إنشاء هيئة مستقلة أو قسم خاص في وزارة الصحة يتولى مسؤولية الرقابة والإشراف على شركات التأمين الصحي، وتنظيم عملها، وضمان التزامها بالقوانين والأنظمة.

 * تسهيل الإجراءات وتبسيطها: يجب تبسيط الإجراءات الإلكترونية، وتوفير التدريب والدعم اللازمين للأطباء والممرضين والموظفين للتعامل مع الأنظمة الإلكترونية بكفاءة وفعالية.

 * حماية حقوق المرضى والأطباء: يجب وضع آليات واضحة وفعالة لحماية حقوق المرضى والأطباء، وضمان حصولهم على الخدمات الصحية المناسبة في الوقت المناسب.

إن استمرار الوضع الحالي ينذر بكارثة حقيقية في القطاع الطبي. الأطباء قد يعزفون عن التعامل مع شركات التأمين، والمرضى قد يفقدون الثقة في النظام الصحي بأكمله. يجب علينا التحرك بسرعة لوضع حد لهذه الفوضى، وإنقاذ مستقبل الرعاية الطبية في الأردن.