شمل "نداء الدوحة للعمل" الذي تم الإعلان عنه في الجلسة الختامية، التي حضرتها الشيخة هند بنت حمد آل ثاني، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر والرئيس التنفيذي للمؤسسة، أكثر من 30 توصية، من بينها إعطاء الأولوية للأسر التي تعاني من الأزمات؛ منح الاحتياجات الأسرية والدعم الإنساني الأهمية قصوى خلال أوقات الحروب والصراعات؛ دمج التربية الأسرية في المناهج الدراسية ووضع السياسات الأسرية كركيزة أساسية للعدالة الاجتماعية.
كما تضمن الإعلان توصيات متعلقة بتعزيز البحث والمناهج المبنية على الأدلة لتوجيه السياسات الأسرية؛ إعطاء الأولوية لرفاه الأطفال من خلال وضع سياسات تعطي الأولوية لمصلحتهم؛ إشراك الأسر والشباب في اتخاذ القرارات السياسية وتصميم البرامج وتنفيذها؛ بالإضافة إلى إنشاء المؤسسات الأسرية المعنية بالأسرة، وتعزيز عملها لتطوير السياسات الأسرية وتنفيذها.
كما وضع "نداء الدوحة للعمل"، وهو بمثابة عمل جماعي أعدته لجنة الصياغة واستقت توصياته من الوثائق التحضيرية للمؤتمر ومن النقاشات التي شهدها على مدار يومين، توصيات تتعلق بتأثير التغيرات التكنولوجية؛ الهجرة والتمدن؛ التغيرات الديموغرافية؛ وتأثير التغيرات المناخية.
وقالت الدكتورة شريفة نعمان العمادي، المدير التنفيذي لمعهد الدوحة الدولي للأسرة، خلال إعلانها "نداء الدوحة للعمل" في الجلسة الختامية: "ختام المؤتمر ليس كلمات رنانة أو شعارات لإبراز الإنجاز، ولكنه دعوة للعمل نشارك فيها جميعا كما تشاركنا في هذا المؤتمر. يتحمل كل منا مسؤوليته في السعي لتنفيذ نداء الدوحة للعمل، ونتكاتف معاً في سبيل ذلك؛ من مواقع صنع القرار والمنظمات الأممية، ومنظمات المجتمع المدني وبيوت الخبرة والجامعات والقطاع الخاص".
وفي اليوم الثاني من المؤتمر، انعقدت جلسة بعنوان "الحنين إلى الانتماء: ما الذي ينتظر الأسر المهاجرة؟"، شاركت فيها شاناز إبراهيم أحمد حرم رئيس جمهورية العراق الشقيقة، وقالت: "حين تغادر الأسر إلى بلاد جديدة، تظن أن حياةً أفضل بانتظارهم، لكنهم في الواقع يواجهون ظروفا قاسية تعمق شعورهم بالغربة، وتبقي على حنينهم إلى أوطانهم يقظا مهما طالت سنوات غربتهم".
من جانبها، قالت زهراء بهروز آذر، نائبة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في شؤون الأسرة، في جلسة رفيعة المستوى حول "السياسات الأسرية في العالم العربي: مقارنة مع أفضل الممارسات في العالم"، قدمتها وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة في قطر "إن الأسرة، على اختلاف الثقافات وتنوعها، تشكل نواة المجتمع والعمود الفقري للتنمية والتقدم، وتبقى الملاذ الآمن في مواجهة تحديات الحياة".
كذلك، تطرقت إلى دور الأسرة الذي يواجه اليوم تحديات عالمية عميقة تتمثل في التحولات التي تحدثها التكنولوجيا في تركيبة المجتمع، والهجرة، والتغيرات الديموغرافية، والاقتصادية. ولفتت إلى أن هذه التحديات لها آثار مدمرة على بنية الأسرة، مما يستوجب وضع خطط ملائمة للتقليل من آثارها السلبية.
من جهتها، أكدت الدكتورة شريفة نعمان العمادي، في جلسة نقاشية عقدت في اليوم الثاني للمؤتمر بعنوان "الأسرة أولاً"، أهمية دعم الأسرة والسياسات التي تخاطب الأسرة كوحدة متكاملة، بحيث لا يتم استبعاد أي من أفرادها.
وقالت الدكتورة شريفة: "ينظر إلى الأسرة في الاستراتيجيات التي يطبقها عدد من الدول حول العالم، على أنها الوحدة الأساسية في المجتمع. ولكن عندما يتعلق الأمر بالسياسات وتطبيقها، يتم التركيز على النساء، والأطفال، وكبار السن كل على حدة، وهو ما قد يدعم فردا معينا في الأسرة، لكنه في الوقت ذاته قد يؤثر سلبا على فرد آخر في الأسرة نفسها".
وفي جلسة عقدت بعنوان "تأثيرات التكنولوجيا على الطفولة: ما ظهر منها وما بطن"، تم استعراض تأثير التكنولوجيا على حياة الأسرة بشكل عميق، بما في ذلك تأثيرها على نمو الأطفال، كذلك تطرق المتحدثون إلى المخاطر والفوائد ذات الصلة بالتحول الرقمي مثل: الإدمان الرقمي، التنمر الإلكتروني والسلامة الرقمية.
خلال هذه الجلسة، سلطت الدكتورة سيكا إقبال، أستاذ مساعد في علم النفس، بجامعة برادفورد، الضوء، على أهمية النظر إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كلي، بما يشمل الجوانب الإيجابية والسلبية. وقالت: "يعد توفير التواصل بين الأطفال من أهم التأثيرات الجانبية لوسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تساعدهم على تعزيز مهاراتهم في التعبير عن الذات، وعلى تشكيل هويتهم".
بالإضافة إلى ذلك، تخلل اليوم الثاني لمؤتمر الذكرى الثلاثين للسنة الدولية للأسرة حول الأسرة والاتجاهات الكبرى المعاصرة جلسة بعنوان "التكنولوجيا للجميع:
تمكين بلا قيود - بالشراكة مع وزارة الرياضة والشباب"، تحدثت فيها الدكتورة دينا أحمد سيف آل ثاني، أستاذ مشارك ومدير البرامج متعددة التخصصات في كلية العلوم والهندسة بجامعة حمد بن خليفة، عن نتائج الأبحاث التي أظهرت أهمية أخذ الفروق الثقافية في تصميم التكنولوجيا المخصصة لرعاية كبار السن.
فيما ركزت الجلسة الختامية على موضوع المدن الملائمة للأسر، حيث استرجع تيم جيل، وهو باحث وكاتب ومستشار مستقل مقيم ومؤلف كتاب حول مساحة اللعب الحضرية الملائمة للأطفال، الفترة الزمنية التي كان الناس يضطرون فيها للسير مسافات طويلة بقصد الوصول إلى المدرسة، أو مكان عملهم، أو مكان اللعب المخصص للأطفال.
وقال "اليوم، يتم تربية الأطفال وكأنهم في الأَسر، حيث يقضون معظم حياتهم داخل أماكن تشبه الصناديق، ذلك تحت الإشراف المستمر من قبل الكبار عن كثب. أما في الماضي، فلم يكن الأطفال مراقبين بهذا الشكل، وكانوا يشعرون بقدرتهم على اتخاذ القرارات بأنفسهم".
وتابع جيل: "لم نصمم مدننا اليوم لتكون ملائمة للأطفال على الإطلاق؛ لقد صممناها بشكل رئيسي لتلبية احتياجات المركبات. وإذا أردنا بالفعل بناء مدن صديقة للأطفال، نحتاج إلى التفكير في أحياء توفر إطارا يركز على جانبين: الأول هو زيادة الخيارات وتنوع الأماكن التي يمكن للأطفال الذهاب إليها وألا يقتصر الأمر على ملعب واحد فقط، بل توفير مساحات متعددة ومتنوعة. والجانب الثاني هو التفكير في كيفية تنقل الأطفال في الأحياء التي يعيشون فيها سيرا على الأقدام أو بالدراجات الهوائية".
نظم المؤتمر بالتعاون مع وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة كشريك استراتيجي، واللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات في وزارة الخارجية القطرية كشريك تنفيذي، ودعم من إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، ومركز مناظرات قطر، الذي أسسته مؤسسة قطر، كشريك شبابي للمؤتمر.