أصدرت الباحثة آنا نونيس عام 2011، كتابها "الرواية التاريخية عند الكاتبات الأفروأمريكيات" الذي تناولت فيه الاستراتيجيات السردية المبتكرة لدى الكاتبات الأمريكيات من أصل أفريقي، وتحديداً في سرد تجربة العبودية، وقدرتهن على تحدي التقاليد المهيمنة، وإيصال صوت فئة مهمّشة لم تكن ممثّلة من قبل.

ما قدّمته الرواية التاريخية، بحسب المؤلّفة، يُعدّ مساهمة بارزة في مجالات الدراسات الأمريكية والأفريقية الأمريكية، ودراسات المرأة، والدراسات الثقافية، لم تنل حظّها الكافي من البحث، بدليل ندرة الدراسات حولها، وعدم الإحاطة بقضايا عديدة؛ مثل فحص علاقة الكاتبة بمجتمعها مثلما يحاول هذا الكتاب.

عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة، صدرت حديثاً النسخة العربية من الكتاب بترجمة الباحث والمترجم المصري شرقاوي حافظ، والذي يتضمّن مراجعة لتجارب عدد من الكاتبات الأفروأمريكيات خلال العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين.

يستند الكتاب إلى عدد من الدراسات التي ترفض اعتبار الثقافة الأمريكية الأفريقية مجرّد ردة فعل، فهي ذات جذور أعمق وتطوّرت ليس فقط بسبب العنصرية التي واجهها الأمريكيون من أصل أفريقي، إنما لعوامل تتعلّق بإحساسهم بسياقات اجتماعية وثقافية أوسع تخصّ الولايات المتّحدة ككل، وبالتالي تنفي فكرة أن الثقافة البيضاء هي "ثقافة أعلى".

تتبّع المؤلفة تجربة مارغريت ووكر (1915 - 1998) بوصفها واحدة من كتّاب القرن العشرين الذين اتّبعوا خطوات أسلافها الكتّاب الأمريكيين من أصل أفريقي، ضمن مشروعها المتعدّد كشاعرة وروائية وكاتبة وناشطة سياسية ومحاضِرة، كتبت تنظيرات عن الحياة والأدب، وهي تشترك بذلك مع اهتمامات كاتبات مثل: آن بلاتو وآنا جوليا كوبر وفرانسيس هاربر.

وتقف عند عقد الستينيات الذي شكّل تطوّراً في جماليات وفنّيات الكتابة الأفريقية، مثلما تسلّط الضوء على الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية، بحيث ظهرت أشكال وقيم جديدة في الأدب والفن والغناء أضافت إلى تقاليد الكتابة والثقافة الأمريكيتين. وعبر هذه المقاومة السوداء، جرى خرق السيطرة الكاملة التي مارستها كتابة وثقافة مهييمنتان وسائدتان لعقود مضت.

تتطرّق نونيس إلى نماذج عديدة منها روايات ليندا بياتريس براون، كوني بريسكو، ولاليتا تاديمي، وأخريات تحدّثن عن قضايا العنصرية، والاستغلال الجنسي، واختلاط الأجيال، وغيرها من تعقيدات تاريخ الأمريكيّين من أصل أفريقي، الذي يُنظَر إليه كمحرّك مركزي لإعادة بناء ثقافة المجتمع الأمريكي وتجديده.