كاتب ومترجم سوري
جديد الأخبار
عرار العرب ولكل
العرب
عرار الإخبارية.. الزيارات(594 ): كاتب ومترجم سوري هذا العام يكون قد مضت إحدى وسبعون سنة على نيل بير لاغركفيست جائزة نوبل للآداب وتحديداً في عام 1951، ويُعد من الكتاب السويديين القلائل الحائزين جائزة نوبل للآداب. اليوم مثل قبل 71 عاماً لا تزال أعمال لاغركفيست حاضرة بقوة في الساحة الأدبية، سواء كان نثراً أو شعراً، وكذلك تساؤلاته الكبيرة عن المعنى من الحياة والوجود ومن الايمان بالله من عدمه ومن الدين والخير والشر. ولا يزال الخوف من الموت والقبر المظلم الذي كان دوماً يخشاه حتى لحظة مماته 1974 عن عمر ناهز 83 عاماً هاجس الكثيرين حتى يومنا هذا. مع ذلك هناك كثيرون في مشرقنا لا يعرفون إلا القليل النادر عن هذا الأديب السويدي الكبير الذي ولد عام 1891 ميلادية وانتخب عضواً في الأكاديمية السويدية 1940. «الجلاد»: 1933 رواية جاءت بعد جولة لاغركفيست في أنحاء أوروبا ومشاهدته صعود الفاشية والنازية وهبوط القيم الإنسانية والاستهتار بحياة البشر، مع تزايد موجة العنصرية. حين عاد إلى بلده بدأ بكتابة رواية «الجلاد» ليعكس انطباعاته ويرسم علاقة البشر مع العنف والشر وليساهم في إلقاء المزيد من الأضواء على قضايا مصيرية مهمة وجادة. كاتب ومترجم سوري المصدر: القدس العربي
الكاتب:
اسرة النشر بتاريخ: الأربعاء 02-02-2022 08:34 مساء
الزوار: 594 التعليقات: 0 المشاركة السابقة : المشاركة التالية
محرك
البحث جوجل
مجلة عاشقة الصحراء
عرار للتراث الشعبي العربي والعلاج بالاعشاب" البرية"::
مجلة المبدعون العرب التي تعنى بقضايا
التربية والتعليم والثقافة::
وكالة أنباء عرار بوابة الثقافة العربية
حقيقة ليس من السهل أن نختصر الحديث عن أديب كبير بحجم بير لاغركفيست في بضعة أسطر أو في بضع صفحات حتى. فهو يعدُّ رائداً لحداثة الشعر والنثر والمسرح السويدي، وله أكثر من أربعين عملاً أدبياً، بدأ انطباعياً قلقاً ليتدرج في أعماله إلى كتابات أدبية مختلفة، جمعت بين الرمزية والواقعية، كتابات اتسمت بالعمق والاسترسال في التشاؤم والحيرة والسوداوية والخوف، بعيداً كل البعد عن التفاؤل.
لاغركفيست الذي تربى في كنف عائلة دينية محافظة، وفرت له ظروف الأمان والنمو، سرعان ما شكك في المعتقدات الدينية وترك الكنيسة وهو لا يزال في مرحلة الشباب الأولى، وهذا الشك بقي مترسخاً لديه وملازماً له طيلة مراحل عمره، وانعكست في مجمل أعماله الشعرية والنثرية التي حاول من خلالها الحديث عن الحياة والموت، الايمان والشك، السعادة والبؤس، الخير والشر، لعل وعسى يصل إلى جواب لأهم سؤال يدور في ذهنه، ألا وهو لغز الحياة والمعنى منه، وكثيراً ما بدا في كتاباته متشائماً، وكأن الحياة كلها لا معنى لها! وفي روايته «ضيف على الواقع» 1925 تفاصيل عن سيرته الذاتية منذ أيام الطفولة والمراهقة ويعدّ مدخلاً مهماً في حياة لاغركفيست ونشأته الشخصية.
تلك الأسئلة الكبيرة كان لاغركفيست يكتبها لنفسه على أمل التوصل إلى إجابة عن اللغز الكبير الذي كان شغله الشاغل. لاغركفيست يجذب القارئ ليس من السطور الأولى وحسب، بل من النظرة الأولى لعناوين نصوصه أو رواياته، لكي نخوض بعد ذلك معه رحلة، بل مغامرة بحث مشوقة في النص ثم الكتاب كله، فهو مثل حفار ماهر ينحت بإزميله الزخرفة على الخشب يبني جمله ومعانيه المكثفة بدقة متناهية، لدرجة يستحيل معها ترك الكتاب جانباً، بل يشدّ القارئ إلى المتابعة حتى النهايات ويستمر في إيقاظ روح الفضول لديه للاطلاع على المزيد من أعماله الواحد تلو الآخر، على خلاف بعض كتاب اليوم الذين يجب أن تقرأ لهم ربما مئة صفحة أو أكثر دون أن تعرف ما الذي يدور في خلدهم، ودون أن تشعر بأنك حصلت على مغزى ما.
منذ أن قرأت له قصة قصيرة بعنوان «المصعد الذي هبط إلى جهنم» الذي كان أول نص أقرأ من مجموعته القصصية «حكايا شريرة 1924» حتى وجدت نفسي متابعاً رحلة البحث عن معظم أعماله الأدبية. ولم تكن نصوص القصص الشريرة هي الوحيدة من بين أعماله المليئة بالسوداوية، بل إن التشاؤم والنهايات الكئيبة سمة مشتركة في أغلب أعمال لاغركفيست وبأوجه عديدة خاصة في رواياته: الجلاد، القزم، باراباس.
«القزم» 1944 ذلك المخلوق المتعطش للقتل والدماء بادئاً بقتل قرينه» يوسفات» لكي يصبح القزم الوحيد في قصر الأمير، فهو يكره كل ما هو حي وجميل ويفرح بالقتل والعنف ويشعر بالسعادة حين تدق طبول الحرب. يكره السلام والصلح ويستمتع برؤية برك الدماء. ثم يشعر بقمة السعادة حين يسكب أكواب السم للضيوف في مأدبة الصلح، بايحاء من سيده الأمير، ويحس بالنشوة لوأد السلام واستمرار الحرب والقتل. رواية «القزم» فيه مزيج من ماضي الإغريق، من وحي هوميروس في الإلياذة وحاضر ويلات الحرب العالمية الثانية، التي كانت في ذروتها أثناء كتابة الرواية، ومن مستقبل سوداوي لا خير مرتجى منه!
رواية «بارباس» 1950 بعد انقضاء الحرب العالمية الثانية، التي يرى بعض النقاد أنها كانت أحد أسباب منحه جائزة نوبل في العام الذي تلاه. «باراباس» المجرم، اللص المغتصب الذي يُصلَبُ المسيح عوضاً عنه حين تختار جموع الغوغاء بينه وبين يسوع المسيح من بين المحكومين. في «باراباس» كما في بقية أعماله ثمة صراع كبير مع الشر والعنف، باراباس مولود في حضن الشر والكراهية يفتقد الشعور بالانتماء الطبيعي لأحد، فهو كافر، منبوذ من المؤمنين والملحدين على حد سواء. هنا أيضاً نجد أنه من الصعوبة بمكان عدم ربط استمرارية الشر والأذى من أيام المسيح، إلى تلك الأوقات التي سبقت الحرب العالمية الثانية، وأثناء الحرب والفترة التي جاءت بعدها من العيش مع كل مخلفات الدمار والخراب في معظم القارة الأوروبية.
«سيبيلان» رواية 1956 عن فتاة ريفية تقيم في المعبد وتجبر على أداء الرقصات الدينية، وتلاقي تعاملاً شبيهاً بمعاملة العبيد في حياة يومية مليئة بالخوف والقلق والحيرة، وتقع في الحب الذي يُعدّ ممنوعاً، لأن الحب يجب أن يكون للإله فقط. رواية تظهر مدى تأثر لاغركفيست بالموروث الديني وأيضاً شكوكه وقلقه تجاه موروث كهذا، فهو دائماً يقدم نفسه على أنَّهُ مؤدونَ عقيدة ومتدينٌ مُلحدْ لكن الشيء الأكيد أنه باحث دؤوب في دواخل الإنسان وفي وجدانه عن تلك الأسئلة الكبيرة والمعقدة، بلغة بسيطة رابطاً بين الماضي والحاضر والمستقبل المبهم.
رواية «ماريامنه» 1967 آخر كتب لاغركفيست، تجري أحداث الرواية في القدس في عهد الملك هيرودس الأول قرابة سبعة عقود قبل الميلاد.
للكاتب أيضاً دواوين شعرية وأعمال مسرحية عديدة.
«ابحث عني في كتبي» هذا ما قاله لاغركفيست لأحد الصحافيين الذين أراد أن يجري مقابلة معه. وكان حقاً يعني ما يقول، أي أنه موجود ضمن شخصيات أعماله بشكل أو بآخر.
النص النثري التالي ترجمته من كتابه «القلق» 1916 الذي يشمل أيضاً في طياته مجموعة شعرية بالاسم نفسه:
«حلمت ليلاً بأن الرجل الذي أنا مستاجر لديه فجأة يقف متكئاً على سريري، كان مختلفاً نوعاً ما، لكنني عرفته جيداً ملامحه بدت أكثر صرامة، لحيته أطول وأكثر كثافة، ثمة شيء طاغِ على كيانه كله، شيء يرعبني. وقف صامتاً يحدّق فيَّ طويلاً. بعدئذ وبصوت هادئ وجاد قال: انهض.
أجبت مستغرباً ماذا؟ الآن في منتصف الليل؟
نعم لقد أجرّتُ الغرفة لشخص آخر، شخص أكبر.
إنها غرفة واسعة، مضيئة وجميلة وليست لمن هو مثلك.
ثم بدأ يقودني إلى الباب، يفتحه..
خارج العتبة مباشرة هاوية عميقة واسعة، مظلمة لا قرار لها. ترتعد فرائصي. أحاول التشبث بأي شي، أتشبث بخشب العتبة، عندها يركلني وأسقط وسط الظلام مثل ضفدع كبير مفتوح القدمين، سَخَفٌ حتى في النهاية».
العناوين المشابهة
الموضوع
القسم
الكاتب
الردود
اخر مشاركة
«الصرخة»... لوحة الأسرار
ثقافة وأدب وشعر
اسرة النشر
0
الجمعة 29-10-2021