بقلم: موسى الشيخاني 

في ظل التطورات المتسارعة في عالم التكنولوجيا، يبرز الذكاء الاصطناعي كواحد من أكثر الابتكارات تأثيرًا على حياتنا اليومية ومستقبلنا المهني والاجتماعي. فما كان في الماضي محض خيال علمي، أصبح اليوم واقعًا ملموسًا يتغلغل في تفاصيل حياتنا من أبسطها إلى أعقدها.

الذكاء الاصطناعي، الذي يُعرف بأنه قدرة الآلات والأنظمة على محاكاة التفكير البشري واتخاذ القرارات، دخل بقوة في مجالات متعددة مثل الصحة والتعليم والصناعة والنقل. فمن خلاله، بات بإمكان الأطباء تشخيص الأمراض بدقة أكبر، وتمكن الشركات من تحسين الإنتاجية وخفض التكاليف، بل وحتى تقديم محتوى تعليمي مخصص لكل طالب حسب مستواه واحتياجاته.

وقد شهد العامان الأخيران قفزات نوعية في استخدام الذكاء الاصطناعي، لا سيما بعد انتشار أدوات مثل "تشات جي بي تي" و"ميدجورني" و"كوبيلوت"، التي أظهرت قدرات فائقة في الكتابة الإبداعية، توليد الصور، والمساعدة في البرمجة. هذه التقنيات أثارت انبهارًا عالميًا، لكنها في الوقت ذاته فتحت بابًا واسعًا للنقاشات الأخلاقية والمخاوف المرتبطة بفقدان الوظائف وتهديد الخصوصية.

ويرى خبراء أن الذكاء الاصطناعي سيتحول في السنوات القليلة المقبلة من أداة مساعدة إلى شريك حقيقي في التفكير والإبداع، ما يتطلب من الحكومات والمؤسسات التعليمية إعادة النظر في سياسات التوظيف وأنظمة التعليم لتواكب هذه الطفرة.

من جهته، يقول الدكتور أحمد الجابري، أستاذ الذكاء الاصطناعي في جامعة القاهرة: "نحن أمام نقطة تحول تاريخية. الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية جديدة، بل هو تغيير جذري في طريقة تفكيرنا وتعاملنا مع العالم. والمجتمعات التي لا تواكب هذا التغيير، ستجد نفسها متأخرة كثيرًا عن الركب العالمي".

وفي الوقت الذي تتسابق فيه الدول الكبرى على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، تبرز الحاجة إلى تشريعات واضحة تضمن الاستخدام الآمن والعادل لهذه التكنولوجيا، وتحدّ من إساءة استخدامها في مجالات مثل التضليل الإعلامي أو التحكم في السلوك البشري.

يبقى الذكاء الاصطناعي سيفًا ذا حدين. وبينما يعد بتسهيل حياتنا ودفع عجلة التطور، لا بد من التعامل معه بوعي وحذر، لضمان ألا يكون الذكاء في خدمة الآلة على حساب الإنسان.