عمان -وقع الشاعر سعيد تايه مساء أول أمس، في المكتبة الوطنية ديوانه الشعري المعنوان «قصائد من الوجدان»، وسط حفاوة كبيرة من الحضور، وقدم قراءة نقدية للديوان نائب رئيس جامعة آل البيت الدكتور محمد الدروبي وأدارت الحوار وحفل التوقيع سهير النجار.
واستهلت ورقة د. الدروبي التي قرأها عنه بالإنابة بالقول: إنَّ قَصائدَ الشَّاعرِ تَجاذبتها ثلاثُ نَزعاتٍ رَئيسةٌ شَكَّلت اتجاهاتِ شِعْرهِ وقد تَمثَّلت هذه النَّزعاتُ بالغَزليِّ والاجْتماعيِّ والوَطنيّ، وقد جاء نَسِيجُهُ الشِّعريُّ مُسْتلِّهماً قَواعدَ عَمُودِ الشِّعرِ العربيِّ، غير نافرٍ عن طَرائقِ مَدْرسةِ الإحياءِ الحديثة، خَلا ما يَتْركهُ الفنُّ للمُبدعِ من مَساحةٍ لا حُدُودَ لها، ليظهرَ فيها قُدْرتَهُ على التَّجديدِ والإبداعِ والتَّحليقِ في عَوالمِ الكلمةِ وفنِّ القول.
وبيّن بأن الشاعر قد اتكأ على خبراتٍ ضَربتْ جُذُورُها في الحياة، وقد صاغَ خبراتِه التي امتدَّت زُهاءَ سبعةِ عُقُود، بفوحِ القُدْس، وصَبا دِمَشق، وشَذى الرِّياض، ونَفْحِ عَمَّان، وعَجَمَ عِيدانَ تلك الخبراتِ المُعمَّقَةِ بتدريسِ اللغُّةِ الإنجليزيَّةِ عُقُوداً، ومُعاناةِ التَّرجمةِ والنَّقلِ بضعةَ عشرَ عاماً، بيدَ أنَّ هذه الخبراتِ لم تقف حائِلاً أمام تَدفُّقِ البياِن العربيِّ على لِسانِ شاعرِنا الذي غَمرتُهُ فُيُوضُ العشقِ القُدسيِّ للِّسانِ العربيِّ الشَّريف، كما جلَّى ذلك كتابُهُ الموسُومُ «الإملاء الصَّحيح في لُغتنا العربيَّة الجميلة».
وأشارت ورقة د الدروبي، إلى أن الدِّيوانُ هو سَليلَ الخطِّ الشِّعريِّ الذي تَراءى جَلياً في دَواوينِ الشَّاعرِ الأربعةِ المنشُورة، فهو يحملُ إلينا في جَعْبتهِ أزاهيرَ ما يَربُو على مائةِ قَصيدةٍ جديدةٍ، جادت بها قَريحةُ الشَّاعرُ، ما بين أواخر سنة 2015م ومطلع  سنة 2017م، ممَّا يَعْني أنَّها تحملُ قَسماتِ الطَّورِ الأحْدث- وليس  الأخير حَتْماً- لحياةِ قَلمٍ مُبدع، تَصاعدَتْ رَشفاتُهُ في هذه السِّنين الأخيرة، كما يَتَلامحُ من مُلاحقةِ تواريخِ القصائدِ التي حَرَصَ الشَّاعرُ على تَقْييدها ، ممَّا يَشي بأنَّ الشَّعرَ استولى على نَفْسِ الشَّاعرِ وعَقلِهِ وقَلبِهِ، وأمْسى الإبداعُ شُغلَهُ في هذه السِّنِّ العاليةِ التي أوقفت الشَّاعرَ على مَنْجمِ الإبداعِ، فانْبجسَ أمامهُ غَديرُ الذِّكرياتِ العِذاب، وكانت سانحتهُ التي طَرَّزَ فيها عواطفَهُ ومشاعرَهُ وأحاسيسَهُ، بمِدادِ الدَّمعِ واللَّيلِ والأملِ والألمِ والسَّالفِ والحاضِر، مبينا أن جميعُ ما يَحملهُ إلينا هذا الدِّيوانُ الجديدُ مِنْ قَصيدٍ يتَنفَّسُ في صُبْحِ عَمَّانَ التي ألقى فيها الشَّاعرُ عَصا غُربتهِ الطَّويلة، فكان أن ثابَ إليه وحيُّ الشِّعرِ في جَنَباتها، وأضاءَ جَوانحَ قصائدِهِ من جَديد، فأزْهرَ خَريفُ العُمر، وجاءت عَناقيدُهُ غُررَ أشْعارِ ودُررَ أبياتٍ أشْعلتْ فَنارَ الشَّوق، وسَقتْ أوراقَ الصَّبابة، ورَوَّتْ حَنايا نَفْسٍ طالما تَسامت في مَقاماتِ الحُبِّ الشَّريف.
من جهته قال الشاعر سعيد تايه،  إن ديـوان «قـصــائـــــد  من الوجدان» هو الديـوان الخامس الذي صدر  بعــد أعماله الشعـريـة السابقة، وصـيغـت أشعار هـذا الـديوان شأنها شأن الدواوين السابقـة  بأسلوب شائق  وبلغـة عـصـريـة حـديـثـة، عـذبـة  جلـيـة، واضحـة،  مفهومة المعنى والمغزى  وتزخر بكل مقومات الشعر المطلوبة من أخيلة، وصور بيانية وتشبيهات تقتضيها خصائص الشعر الأصيل  الذي يمثل  العواطف والمشاعر الإنسانية  وتجلياتها ونوازعها من جميع وجوهها وفي أعلى تجلياتها ملتزمة بـبحـور الـشـعـر العمـودي المعـروفـة، الـتي تتـمـيَّـزُ بـهـا لـغـتنـا العـربيـة الـجمـيـلـة ، بـإيـحـاءاتـهـا ودلالاتـهـا، وصـورهـا البلاغيـة الـثـريـة، فـهـي نـابـعـة من عـمـق الـوجــدان ومـن المشـاعــر الـمـرهـفـة، والأحـاسـيـس الإنسـانـيـة الـرفـيـعــة.