عرار:

يكرم ملتقى عمان عربيا في دورته الثانية، غدا الثلاثاء، الفنان التشكيلي الأردني الراحل جلال عريقات، الذي عرف بأساليبه التجريبية المختلفة.
وتتمحور أعمال الفنان عريقات حول الإيقاعات المختلفة للعلاقة الإنسانية وتجلياتها العاطفية على الصعيدين؛ الميثولوجي والواقعي، إذ أن أعماله تتحرك بناء على مستوى الأسطورة التاريخية، (آدم وحواء) إلى (أسطرة) العلاقة الواقعية ضمن معطيات البصرية والذهنية على حد سواء، فالخطوط والألوان في أعمال عريقات تتحد في مجالها التعبيري، عبر التداخل القائم بين اللون الاصطلاحي، وحدة الخطوط اللونية، التي تستحيل إلى كتل لونية محضة.
يرى العديد من النقاد ان  منجز عريقات، على الرغم من الاختلاف الظاهر في أسلوبيته، يمتلك وشائج واضحة تشدها لبعضها، فخرجت أعماله التجريبية، خصوصا في مراحله المتقدمة (التجريدية التعبيرية) المكتنزة بسطوحها الخشنة وطبقات صبغاتها الغنية، نتيجة مقدرة أدائية عالية، ظهرت في تجارب متعاقبة.
عن لوحاته  يقول الناقد والفنان التشكيلي الفلسطيني عبد الله أبو راشد إن الفنان عريقات يوظف في رسومه ولوحاته ومركباته الشكلية بكل ما تجود به قريحته المهنية ولحظات حدسه المستدامة ومناطق ابتكاره، وما تصل إليه يداه من خامات ومواد مستهلكة بيئية، مثل الأقمشة والعيدان الخشبية، وصفائح معدنية وكرتون ورمال ولدائن، وبقايا صور منشورة في صحف ومجلات وسواها. يُدرجها الفنان في لحمة تقنية من نوع كولاج صمغي، يصبغها بملونات تزيد من بريق اللون من ريشته، ويطوقها بحدود فاصلة من أقلامه وقصاصاته المتعددة. يراعي فيها تآلف الرصف اللوني للخامات، ويجعلها في حلة وصفية مُتجانسة ومتوازنة شكلاً وتدرجات لونية من بيئة شكلية واحدة.
ويبين أن رسومه تأخذ بناصية المعاصرة الغربية ولكن بنكهة عربية محلية، وتشدو العبور الرمزي لواحة التاريخ العربي وحفرياته الأثرية، وإشارته الخطية الرمزية المتوارية في الأختام الأسطوانية واللقى والرقميات، وأبجديات الكتابات العربية الأولى في الساحل السوري اللبناني الفلسطيني، والتناغم السردي مع حضارات ما بين النهرين وبلاد الشام وما عايشتها من ممالك عاد وارم وثمود والأنباط، وإمارات فينيقية وكنعانية وسواها.
منذ فترة دراسته الفنية في السبعينيات، تعلق الفنان عريقات بالنهج الانطباعي (ذي الصبغة الواقعية التسجيلية) مستعيداً منابع طفولته من خلال رسمه لمناظر طبيعية مائلة أمامه، لقد امتازت أعماله هذه بسعة المشهد البصري الذي تخللته حشود الأشجار والبيوت وتضاريس الطبيعة، إن انطباعيته هذه لا تختم وكما هو معروف بـ (تحليل الألوان وأطيافها)، بقدر استعارتها للون السماء الشرقي المضيء بدرجاته الرمادية والتي تخللت خضرة الأرض.
ولد جلال عريقات في مدينة ليماسول بقبرص في العام 1953، تابع دراسته الأكاديمية في معهد الفنون الجميلة بالعاصمة الأردنية عمان ما بين أعوام (1972-1975)، حاصلاً على دبلوم الفنون الجميلة في ميادين الرسم والتصوير الملون. ومُستكملا دراسته الفنية في مجالات التصميم والغرافيك دزاين بالعاصمة البريطانية لندن ما بين أعوام (1976-1977)، وتوفي في عمّان، يوم الاثنين 28 أكتوبر 2013م عن عمر ناهز الستين عاما.
نال خلال مشواره الإبداعي العديد من الجوائز العربية والعالمية. وخلال السنوات الأخيرة من عمره، امتلك محترفا خاصا به في القرية الثقافية بحدائق الحسين والتابعة لأمانة عمان الكبرى، أنجز فيه العديد من اللوحات وأعمال إعادة التدوير.
وكان ايضا يتطوع بجهده وأدواته ومرسمه لتعليم ذوي الاعاقة، وتقول عنه مديرة أحد مراكز تأهيل ذوي الاعاقة بأنه "يملك صبرا كبيرا ومقدرة عالية في التعامل معهم وتعليمهم التعاطي مع الأدوات الفنية المختلفة".
كما أنه عضو في رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين، وجمعية الفنانين التشكيليين الأوروبيين، وشارك في أكثر من 200 معرض جماعي خلال 1975 – 2010 داخل وخارج الأردن؛ في سورية، العراق، لبنان، مصر، الجزائر، المغرب، الكويت، سلطنة عُمان، الإمارات، السعودية، البحرين، اليمن، قبرص، إسبانيا، بلجيكا، بريطانيا، أميركا، الصين، إندونيسيا، بنجلاديش، وأذربيجان. وأقام العديد من المعارض الفنية الفردية المُقامة في صالات العرض الرسمية والخاصة بالفنون التشكيلية بعمان.
كما أصدر عدة كتب تعنى بتعليم الفنون للأطفال، وعمل في مجال الجرافيك، وفي مجال الحفر والرسوم المتحركة الخاصة بفنون الأطفال (الكرتون)، وفي مجال التصميم الداخلي والعمارة، وقد فاز بالعديد من المسابقات الفنية في مجال الرسم والنحت والجرافيك.