|
عرار: في ثاني أمسيات "شاعر المليون" المليئة بالشعر والدهشة: ..بدر بندر من الكويت وفلاح البدري من العراق يتأهلان بـ49 درجة لجنة التحكيم ...وستة شعراء على جناحي القلق والانتظار...تصويت الجمهور يؤهل عبدالله السرحان من الأردن وعلي الغنبوصي من عُمان عن الحلقة الأولى، وأحمد المجاحمة من الكويت تنقذه البطاقة الذهبية للجنة التحكيم عرار:يمكن ببساطة وبحيادية القول إن حلقة ليلة أمس الأول – الأربعاء - من "شاعر المليون" كانت متميزة بكل ما حمل الشعراء من قصائد إلى شاطئ الراحة، ولم يكن تقارب وارتفاع الدرجات التي منحتها لجنة التحكيم للمتنافسين الثمانية إلا دليلاً على جودة ما قدّموه، والذي امتاز بكثير من الإبداع والشطحات الصُّوَرية؛ العميقة في دلالتها، القوية في معانيها، الرصينة في طرحها، فشعراء الأمسية الثانية من برنامج "شاعر المليون" احتفوا بالكلمة أيّما احتفاء، وانتقوا المعنى أيّما انتقاء، فكانت نصوصهم غنية جداً بالموسيقى والصور والمحسنّات، فدلوا على خبراتهم في كتابة الشعر، وعلى وعيهم كذلك. عبر قناتي أبوظبي – الإمارات وبينونة؛ شاهد واستمع ملايين الأشخاص إلى ما جادت به قريحة الشعراء الذين جاءوا ليمثّلوا بلدانهم شعراً وذائقة وحضوراً، وهم أحمد الأسيحم، وديع الأحمدي/ السعودية، بخيت علي البريدي المري/ قطر، بدر بندر العتيبي، سلطان المريخي المطيري/ الكويت، حمد البلوشي/ الإمارات، خميس الوشاحي/ سلطنة عمان، فلاح حيال البدري/ العراق. لكن قبل أن يبدأ المتنافسون رحلتهم على خشبة مسرح شاطئ الراحة أطل على الجمهور كل من مُعد البرنامج الإعلامي المعروف عارف عمر الذي تحدث عن الأمسية الأولى التي عُرضت الأسبوع الماضي واستعرض أهم ما جاء فيها، ود. ناديا بوهناد التي حللت شخصيات شعراء الأمسية، ومما قالته د. بوهنّاد عن الشعراء تباعاً: أحمد الأسيحم: إداري، منظم، اجتماعي، كازيزما متميزة، موهوب في التكنولوجيا، يعبر جيداً عن ذاته وهو معتد بها، ليس عنده صبر. بخيت المري: يملك كاريزما، حنون، مثالي، أداء درامي جيد على المسرح، دافعه قوي للعمل، يلوم الآخرين، طموحاته كبيرة. بدر بندر العتيبي: اجتماعي، حيوي، حنون، نشط، يتأثر بالنقد، يلوم ذاته، قاسٍ، غير واضح. حمد البلوشي: اجتماعي، مبتكر، حيوي، لا يتدخل في شؤون الآخرين، يُستفز بسرعة، معتز بذاته. خميس الوشاحي: يساعد الآخرين، مبدئي، متوازن، مسالم، مبدع، صاحب قلب كبير، يفتقد الأمان، يركز على المشهد بكليَّته. سلطان المريخي المطيري: قيادي، اجتماعي، غير صبور، يتغلب على المصاعب، متماسك، يضحي بأي شي يمل منه. فلاح حيال البدري: منظم، غير اجتماعي، يحب القوانين والأنظمة، المال هام عنده لكنه غير مادي، لا يعبر عن مشاعره بسهولة، غير واضح، وأحياناً قاسٍ على ذاته. وديع الأحمدي: صاحب كاريزما، عاطفي، إيجابي، مثالي، لديه شعور بالوحدة، شجاع، حيوي، غضوب، معتد بذاته، يحب أن يشكّل حماية حوله. وختمت د. بوهنّاد حديثها بتوقعاتها حول الأمسية، فقالت إنها ستكون مختلفة لتميز شخصيات الشعراء المشاركين فيها، ومن استوديو التحليل إلى تقريرٍ تمّ عرضه عن تاريخ قصر الحصن، وبعدها انتقلت كاميرا البرنامج إلى المسرح ليعلن كل من مُقدّمي البرنامج المتألقين حسين العامري وشيماء عن اسم الشاعر الذي فاز بتصويت الجمهور عبر رسائل الـSMS. كان الشعراء الستة على أهبة الاستعداد، وعلى جناحَي القلق والترقب، لكنّ لا شيء يمكن أن يعادل الفرح الذي غمر الشاعر الفائز وهو عبدالله محمد السرحان من الأردن؛ إذ حصل من اللجنة في الحلقة الماضية على درجة 39 من أصل 50 درجة، لكنه ليلة أمس حصل على أعلى درجات التصويت وهي 62%، وكذلك الشاعر علي الغنبوصي التمامي التميمي/ من سلطنة عُمان بمجموع درجات 52%، ليكونا إلى جانب زميليهما عساف التومي، ومذكر الحارثي اللذين فازا الأسبوع الماضي بتصويت اللجنة.. فيما حصل بقية شعراء الحلقة الأولى على درجات أقل، إذ بلغ مجموع درجات التحكيم وتصويت الجمهور لكل منهم: أحمد المجاحمة/ الكويت 48%، عايد الرشيدي/ السعودية 47%، محمد سالم الأحمدي/ اليمن 47%، ناصر الدوسري/ الكويت 43%. وبينما غادر 3 شعراء المسرح استطاع شاعر واحد الاحتفاظ بموقعه للحلقات المقبلة، إذ عمَدَت لجنة التحكيم المكوّنة من د. غسان الحسن، سلطان العميمي مدير أكاديمية الشعر، والشاعر حمد السعيد؛ إلى منح بطاقتها الذهبية للشاعر أحمد المجاحمة، وكما قال د. الحسن فإنه من حق اللجنة إعادة شاعر واحد إلى أجواء المنافسة، وقد وقع الاختيار على المجاحمة، وتمّ ذلك بناء على رأي موحد لا يعتمد على من هو صاحب أعلى الدرجات، إنما على الحضور، وعلى القيمة الشعرية التي قدّم. رسالة الأسيحم إلى وطن على مسرح شاطئ الراحة اصطف الشعراء الثمانية الجُدد الذين وقع عليهم الاختيار للتنافس، إذ قدّم شعراء ليلة أمس مزيجاً من الشعر والسحر، فاستحقوا إعجاب لجنة التحكيم والجمهور داخل وخارج مسرح شاطئ الراحة، بدءاً من الشاعر أحمد الأسيحم الذي كتب وألقى (رسالة إلى وطن)، ما استدعى الناقد حمد السعيد لوصف الشاعر أنه بطل، والنص فهو نصٌ لا يكتبه إلا شاعر بطل. وجاء في النص: هزّيت باب القيود وطاح عفوي قبل الافراح على دروب التجاهل منك والنية مطيّه دوّرت لك عذر عن شرهة جفاك وباب مخراج في حزّة الجوع وايدينك سحاب وحاتميّه محتاج أفضفض على صدرك وابي منعاً للاحراج إن شفت دمعه تجاهلها ترى ما هي خلّيه حتى تجاعيد حزني ما تمل الضيق لِـ داج يستعذبن التعب من حسن بال وحسن نيّه اليا متى وانت تبني من جفاك لقربي سياج وانا اللي اغليك بالحرمان من قبل العطيّه يكفي جراهيد بيدك في عوني مثل الابراج وانهار تجري لو اكثرها سراب ومهمهيّه يا ما على شانك نشت الحنايا قدّح وسراج ونزر بيرق شموخط بالصفوف الأوليّه يا ساقي الطهر زرعي مرتوي من بير هدّاج وصّ البعيدين انا ماني بحاجه للوصيّه أنا لو اقطع شراييني تعب ما اسمع لـ هرّاج حافظك بالصدر وضلوعي على سورك قويّه سنابل القمح مليانه حبوب وماك ثجّاج وانا اتعفف لك بصبح البيادر مقدريّه ياهي كبيره ولدك العود لو ناداك محتاج وانت الكريم الجواد من العطا كفك نديّه تدري متى الجرح ما يلقى لنزفه حل وعلاج لَـ صرت محتاج وتردد لهم نفسي غنيّة د. غسان الحسن قال إن الشاعر بدأ من قمة المشكلة من خلال مطلع النص (هزّيت باب القيود)، فكانت البداية قوية، ثم راح الأسيحم إلى التفاصيل، حيث كتب للوطن الذي يعزّ، وللوطن الذي لا يأخذ من الآخرين شيئاً، وقد جاء العنوان معبراً عما في النص حيث كانت الدلالة قوية للوطن، لأي وطن كان، أما الأبيات فقد تدرجت وصولاً إلى البيت الأخير (تدري متى الجرح ما يلقى لنزفه حل وعلاج/ لَـ صرت محتاج وتردد لهم نفسي غنيّة)، وبينما كان الخطاب مباشراً، إلا الشاعر في الشطر الأخير تخلى عن الخطابية، وحسب وصف د. الحسن كان النص جميلاً. سلطان العميمي رأى أن ليلة الأمس بدأت مع إبداع شعري، وقد بانت عناصر تميزٍ في النص، حيث لم يغلب الموضوع على الشعر، وكان الخطاب راقياً وكذلك العتاب، إلى جانب الحديث مع وعن الوطن، والبوح، وظل الخطاب الراقي سائداً وهو ما أثبته البيت (أنا لو اقطع شراييني تعب ما اسمع لـ هرّاج/ حافظك بالصدر وضلوعي على سورك قويّه) الذي جاء دليلاً على الحب والإبداع معاً. حمد السعيد أشار إلى الطَّرْق (البحر) المميز الذي كتبه عليه الأسيحم، وهو طرْق لا يكتبه إلا المبدعون، كما نوّه إلى الرقي في مخاطبة الوطن بأسلوب جميل، وإن كان هناك عتب واضح برز في البيت (يكفي جراهيد بيدك في عوني مثل الابراج/ وانهار تجري لو اكثرها سراب ومهمهيّه)، أما قفلة النص فقد كانت ذكية وبديعة، حيث اختصر الشاعر كثيراً من الكلام إذ قال (تدري متى الجرح ما يلقى لنزفه حل وعلاج/ لَـ صرت محتاج وتردد لهم نفسي غنيّة).. وختم السعيد بقوله الإبداع ليس مستغرباً على الأسيحم. المري.. موهبة منافسة بخيت علي البريدي المري كان ثاني شعراء الأمسية، حيث ألقى نصه الذي قال فيه: من بلاد اللي وضع له على القمه شداد اعتلاها وامتلت كفه امن حبالها واصبحت من عقب ذيك الصلافة والعناد له ذلولاً طايعه واطوّع امن اضلاعها كم زرع بقلوب شعبه وباشره الحصاد يزرع الطيبه ونثمر بعشر امثالها ما يكيف راسه البن وانواع القناد كل ما فاحت مصيبه شرب فنجالها سيدي يا مراية الخير يا عكس الفساد العلوم اقصارها خير من طوالها انفتح لي باب الابداع واعلنت الجهاد في سبيل احلامي اللي وقفت اسعى لها واقبلت لي بيض الايام بثياب جداد البشاير توها والسعد يبرا لها في بلادٍ تسحر قلوب وعيون العباد كنت ضيف وقدني اليوم ضمن اعيالها نار زايد وان توفى مهي ترجع رماد وقفة عياله وقود يزيد اشعالها جيث بأفكار لو انها وسط سوق المزاد ارخصت بعض الهوامير روس اموالها لا بدا صبحي وهبت نسانيس الشمال قمت اسابق لي حمامه على موالها آعدي عدي الذيابه وادوّر لي مراد في عيوني فرصة لازم استغلالها اقدّر اسمي مكاني بميدان الطراد دبك خيل وكل أصيله تحت خيالها والرجال اللي سواتي هقاويها بعاد تقصر شبوح الدرابيل دون آمالها سلطان العميمي أكد أن النص ينم عن موهبة قادرة على المنافسة، حيث جاء التسلسل جميلاً في البناء، وبدت كتلة النص واحدة، وما أعجبه توظيف أربعة كائنات حية (الذلول، الحمامة، الذيب، الخيل) بشكل أعطى النص روحاً ذات دلالات. والنص جاء جميلاً جداً - كما قال حمد السعيد – الذي لفت إلى البيت (من بلاد اللي وضع له على القمه شداد/ اعتلاها وامتلت كفه امن حبالها)، حيث حمل تشبيهاً جميلاً يجذب المتلقي ولو أن المري شح في البيت العاشر الذي قال فيه (جيث بأفكار لو انها وسط سوق المزاد/ ارخصت بعض الهوامير روس اموالها)، غير أن الباحث عن المعنى يصل إلى ما يريد، فحب الوطن بدا واضحاً، وكذلك ما له بمسرح شاطئ الراحة (اقدّر اسمي مكاني بميدان الطراد/ دبك خيل وكل أصيله تحت خيالها)، موضحاً أن مفردة (تَوْها) التي جاءت في البيت (واقبلت لي بيض الايام بثياب جداد/ البشاير توها والسعد يبرا لها) تعني قُدّامها أي أمامها، ثم أشار إلى أن ذلك النص لا يكتبه إلا شاعر محترف. من ناحيته فصّل د. غسان الحسن جهة انتماء النص إلى الشعر الثقيل أي شعر الأسلاف، كما رأى في النص ثلاث فقرات، غير أن الربط بين الفرتين الأولى والثانية لم يكن جيداً وعند البيت (سيدي يا مراية الخير يا عكس الفساد/ العلوم اقصارها خير من طوالها ) كان لا بد من تجسير الفجوة بشكل أجود مما جاء عليه. بندر.. ترابط وتسلسل أولى الكلمات التي قالها حمد السعيد إعجاباً ليس فقط بالمقدمة إنما بالنص كاملاً: (مبدع هذا المساء.. مبدع أيها الشاعر) وذلك على النص الذي اختاره ليلقيه على مسامع الجمهور، والذي قال فيه: نعرف الليالي والليالي تعرف تدور لا راحت وهي متأنيه جات عجلانه بما تحمل من امطار خير وعواصف جور تجوب الزمن وعروقها الخضر رويانه صواديف والدنيا بحر والعمر بابور مسيره بحكم الله ما هو حكم ربانه بهذا المطلع قدم الشاعر بدر بندر العتيبي نصه مضيفاً: نزاول حياة زايله حقٍ وزور عسانا نحصّل ما تعبنا على شانه نعاني من الظاهر ولا نعلم المستور جيوب السنين من المقادير مليانه بنفنى وما فالكون من خاوي ومعمور بيفنى ويبقى خالق الكون سبحانه مصير الأوادم في النهاية بطون قبور على كثر ما تاكل من الناس جوعانه تزايد ولا للعمر قصره وطوله دور تلهم مشيبه واتلذذ بريعانه وانا قلبي اللي كل ليله علي يثور تزاحم خساير تضحياته فميدانه يا كم حلم قربه الزمان لبصيص نور ودعاه الظلام وفك للريح جنحانه نسيته وشيّدت الأمانيلصدري سور عزومي مماليكه وحراس بيبانه أغني عن اللي راح للماضي المهجور وانا ارسم خطط مستقبلي فوق كثبانه أعاند جفافي وأنفث بصوتي الممطور عروق الشجر وارجّع الروح لاغصانه ابسمح على ظهرك وبا تطير يا عصفور لا سال الربيع ولوّن الورد بالوانه حمد السعيد قال إن البيت (بما تحمل من امطار خير وعواصف جور/ تجوب الزمن وعروقها الخضر رويانه) حمل إيمان الشاعر المطلق بالمقادير، وكذلك (نعاني من الظاهر ولا نعلم المستور/ جيوب السنين من المقادير مليانه)، ثم ختم باستشهاده بالبيت (ابسمح على ظهرك وبا تطير يا عصفور/ لا سال الربيع ولوّن الورد بالوانه) الذي يدل على أن الأحلام لم تثن عزيمة بدر، وما أعجب السعيد الترابط والتسلسل بين الأبيات، وكذلك أن كل بيت يمكن أن يكون مثلاً يدرج على الألسن (نعرف الليالي والليالي تعرف تدور/ لا راحت وهي متأنيه جات عجلانه)، حيث يبدو أن كل بيت جاء على حدة، وتلك حرفة شاعر مخضرم. د. غسان الحسن رأى أن القصيدة تمثل أزمة الإنسان المحكوم بالمقادير وبحكم الله، وفي النصف الثاني خص الشاعر الإنسان من بين عناصر الكون، وجاء على مسيرة حياته، وعلى الرغم من كل ما يفعل الشاعر إلا أنه يدرك أن (المقادير) مكتوبة، والقصيدة بمجملها جميلة بوعيها الثقافي والديني، وفي بنائها المحكم والرائع، وفي جمالياتها الواردة في الجمل الإسمية والفعلية. سلطان العميمي وصف الشاعر بالهدوء، لكن نصه جاء عكس ذلك، وهو دليل على أن بدر يشهد صراعاً داخلياً، ثم إن ما يميز النص أنه لا يذهب إلى النصح إنما إلى التأمل، كما أشار العميمي إلى البيت الأول الذي ضج حركة من خلال المفردات (تدور، راحت، جاءت، عجلانه)، مبدياً إعجابه بالبيتين (ابسمح على ظهرك وبا تطير يا عصفور/ لا سال الربيع ولوّن الورد بالوانه)، و(يا كم حلم قربه الزمان لبصيص نور/ ودعاه الظلام وفك للريح جنحانه). البلوشي.. الشاعر الفريد (الصفيرا) كان عنوان نص الشاعر حمد سعيد البلوشي إذ قاله في "مربوعته" قاف الشعر اتدن رعوده والجيّد بيجود بجوده وأنغام الليله مفنوده بيرددها حتى الصم ------- ببداها أول مبداها عن سعدى وش هو مبداها القلب الباير قداها لو ماله يد ولا فم ------- قدّاها للدرب المايل وأبوها للموت يخايل بن غانم في كفه شايل موته لو راح ولو تم ------- كل هذا باسباب خيانه ريح ودخلت من بيبانه راس ورخصت به اعيانه يا سالم فعلك ما رم ------- قصدي بو ليلى المهلهل ودموع احبابه تتهلهل يوم انه لربوعه منهل بيره م العزه كم زم ------- واضاف: ومن ينوينا لو بالخوصه ايده من جنبه مقصوصه يحسب بالشبر والبوصه قبل ف بحرالموت يطم (أنت شاعر فريد في شاعر المليون منذ أول موسم فيه).. هذا ما رآه د. الحسن، وعبّر عنه قبل أن يبدأ بتفصيل رأيه في النص، إذ قال: ثمة هناك جوانب فنية فيه، فالبحر من باب البحر المتدارك، ويقام عليه فن البستة المحلي، وهذا البحر عادة يستخدم في القص، وممن كتب عليه حميدان الشويعر، والطريقة التي كُتب وفقها هذا النص هي المربوعات المكوّنة من أربعة أشطر، حيث القافيتان متبادلتان، ولهذا فقد أحسن الشاعر وأجاد إذ جاءت الكلمات متساوية، كما استخدم أسماء شخصية معروفة مثل الزير سالم، وأدى النص بطريقة لافتة. سلطان العميمي وصف أن النص لا يعرف الهدوء من أول بيت وحتى آخر بيت، فهو متحرك مع الإيقاع الموسيقي والصورة الشعرية، فيما جاء البناء موفقاً، وقد وظف الشاعر مفردة (خوصه) بشكل وبتصوير جميلين جداً (ومن ينوينا لو بالخوصه/ ايده من جنبه مقصوصه)، وبالتالي يستحق حمد البلوشي تشجيع الجمهور مثلما قال السعيد، لا سيما أن النص جاء متميزاً، إلى جانب الأسلوب المروبع أو "البستة" الفن الذي يستخدم عادة في الكوميديا، لكن الشاعر استخدمه بشكل جاد، وسخره للمسرح، أما الرمزية والجناس فكانا حاضرين. الوشاحي.. نص متماسك خميس الوشاحي أعلن على الملأ (توبة) قال فيها: كلتني وجوه الناس يا حساسي المهزوم اولّي لوين وزجمة وجوده تتبعني أسيّل دم أشعاري علشان تحيا قوم وإذا طحت محدٍ مدّ لي يد ترفعني نذرت العمر شاعر ولا بان لي مقسوم سوى قول ناس: طيب ان غبت وش يعني أكون أصدق أكثر اشعر بخاطري مقسوم بي أشياء تدفعني.. بي أشياء تمنعني تلبست دور الزاهد العابد المهموم هزمني حكي بنت: أنا أرجوك تسمعني سكت ونطق لي صدرها المرهق المزحوم بآهات حزن ومن تناثرت جمعني جرف بادية عمري لبحره وذقت العوم على يا وين يا موج المقادير تدفعني وتسلقت ع كتافٍ وطاحت علي نجوم وانا ما استرقت إلا علوم تروّعني تعب كل ما حطيت راسي تطل حلوم أنا تايبٍ يا زاير الليل ودّعني هنا ف المدن ما يصعب إلا الصدق والنوم أحسن ان ما به مرقدٍ عاد ياسعني تضيق البسيطة بي وانا شاعر موسوم بحب الرحابة والفضاءات تمتعني أهيم الأوادم صاحية والظلام يشوم قريب الأذان وزحمة وجوه تتبعني أشار سلطان العميمي إلى موهبة الشاعر، وإلى شعلة الأمل التي يحملها، حيث حلّت الصور الشعرية في نص متماسك (تعب كل ما حطيت راسي تطل حلوم/ أنا تايبٍ يا زاير الليل ودّعني)، لولا أنه كان يتمنى على خميس أن يطوّر تلك الصور. وما أثار انتباه حمد السعيد استخدام الشاعر فن المنكوس في ذلك النص، وهو أمر نادر عند أهل عُمان، والنص بشكل عام بدا جميلاً، ومما أعجب السعيد البيت (هنا ف المدن ما يصعب إلا الصدق والنوم/ أحسن ان ما به مرقدٍ عاد ياسعني) وكأنها الخلاصة، والمعنى كان واضحاً وجميلاً، أما البيت الآخر الذي أشار إليه السعيد (نذرت العمر شاعر ولا بان لي مقسوم/ سوى قول ناس: طيب ان غبت وش يعني) فهو يحاكي بيتاً قديماً، ويشير إلى إحساس الشاعر الواضح بالألم. في النص شيء من التورية كما قال د. غسان، فالشاعر يعيش أزمة في حياته، وقد أحسن في كيفية استحضار الصور كما في البيت (وتسلقت ع كتافٍ وطاحت علي نجوم/ وانا ما استرقت إلا علوم تروّعني)، وختم د. الحسن بقوله: إن في النص روعة وجمالية كثيرين. المطيري.. سلطان الشعر سلطان المريخي المطيري ألقى (أفكار راسي)، وكان مفاجئاً للجنة التحكيم، إذ قال في ذلك النص المبدع: تغرّب الحرف عن داره لعين المرام من ودع احباب قلبه بالوداع الأخير سافرت باسم القصيد اللي عليه الكلام يا عاشقين اللقى صدر المعاني كبير نثرت مسك البداية قبل مسك الختام بحروف أزكى من العنبر وريح العبير غنّى لي من بين النفل والخزام واستبشر الشعر بحضوري وطاب المسير سكرت باب المعاتب والمعاتب سهام وركّزت رمح الهقاوي بالزمان المرير الليلة أفكار راسي مثل سرب الحمام خلوني افرد جناحين القصيدة واطير تسلل النور في صدري وضاق الظلام وعزفت لحن التفاؤل للسراج منبر ف عيوني الحلم وف قلبي نشيد السلام واللي تحت راية التوحيد سيف شطير أمشي على درب جداني ودرب الإمام اللي على سنة محمد وصحبه تسير ما غيروني غزاة الفكر بين الانام العين تبصر لهم والعقل فيهم بصير جونا مع الدين بخيول عليها لجام يفرح بهم راعي الفتنة وعقل الغرير ظنوا بأن الحقايق مثل روس النعام والحق كلمة نطق فيها سجين الضمير تحشموا باللحى تجار دين وكلام قوم حسنهم على قطب المفاتن امير صلّوا على دارهم من دون قبلة وامام الله أكبر على الظالم وبئس المصير عاشوا على رقابهم هيبة بريق الحسام ونموت برقابنا بيعة ومجد كبير (أنت سلطان الشعر).. هكذا وصف حمد السعيد الشاعر سلطان المريخي المطيري، فكل ما في نصه يدل على حبكة الشاعر المبدع، أما البيت (سافرت باسم القصيد اللي عليه الكلام/ يا عاشقين اللقى صدر المعاني كبير) فقد مثّل دخولاً ذكياً إلى متن النص الذي أراد المطيري قوله، وأضاف السعيد أن صاحب النص بدأ بتمهيد جميل (ف عيوني الحلم وف قلبي نشيد السلام/ واللي تحت راية التوحيد شيف شطير ) دلالة على العلم السعودي، أما البيت (أمشي على درب جداني ودرب الإمام/ اللي على سنة محمد وصحبه تسير) فهو تأكيد على الثبات والتمسك بالقيم، ودل البيت (ما غيروني غزاة الفكر بين الانام/ العين تبصر لهم والعقل فيهم بصير) على النضج الفكري، وكانت في (ظنوا بأن الحقايق مثل روس النعام/ والحق كلمة نطق فيها سجين الضمير) إشارة إلى أحمد بن حنبل، وبشكل عام لدى الشاعر طرحاً جميلاً وراقياً ورمزية بدت واضحة في البيت (تحشموا باللحى تجار دين وكلام/ قوم حسنهم على قطب المفاتن أمير)، والنص حسب د. غسان الحسن جاء جميلاً ومترعاً بالفكر والجمال، ويدل على ذلك (غنّى لي من بين النفل والخزام/ واستبشر الشعر بحضوري وطاب المسير) و(الليلة أفكار راسي مثل سرب الحمام/ خلوني افرد جناحين القصيدة واطير)، وبنظرة عامة للنص يجد أن يمثل الوعي والتوعية هناك توطئة لزخم فكري متميز، فالشاعر يعي ما يقول، ويحذّر مما حوله، وهو ما ركز عليه سلطان العميمي، حيث الشعور بالمسؤولية والإبداع عند الشاعر قضيتان متلازمتان في وجه المتاجرة بالدين، مشيراً إلى روح التفاؤل التي اتضحت في البيت (تسلل النور في صدري وضاق الظلام/ وعزفت لحن التفاؤل للسراج منبر)، وإلى فكرة النص المليء بالمفردات التي يمكن قراءتها سيميائياً، إذ هناك صور وأصوات وروائح وحركة، أما أداء الشاعر فقد جاء حضوره مميزاً. البدري.. لفحة عشق إلى الحب العذري – كما وصفه د. الحسن – انتقل الجمهور، إذ ألقى فلاح حيال البدري نصه التالي: ألا يا زهرة العشق الكظيم استسمحك بارويك رواية وافي يعلن براتك قبل يبداها حريص استخلص اسلوب يليق بقدرك وطاريك كما حرصي من التعقيب حيث القافيه اها إذا سكنت مت قبله يدور الظم والتشكيك وإذا شددتها تكلف علينا دورة رحاها محال يحمل ابياتي جمالك للعموم أحكيك أنا ماني سوات وحوش نزوة طيش مغزاها لزوم انزّهك مجبر على سلوة عشل ماضيك مصوّم نحلة تفرز رحيقك في خلاياها أصيح امساك لوقلبي عصاني يفطر بخافيك لاجل همسة خفى روح هلال العيد وارساها أنا لا شاقني وصلك حذاري لا تظن اجيك احد النفس عن شوفه عيون لا عدمناها مهي صدة جفا مني تصبّر والحكي ياتيك مروفة عرض لاشناب الرجال اللي حشمناها أبوك اختار لك أم حسبها والنسب يزهيك وكاد إنها مربيتك على مكنون مرباها دليل ان اسمك العذري يبرهن عفة مسميك سمي ام المسيح اللي بلاها الله وابراها على عاتق شتات افكار غيري ماني مغنّيك حشى ماني بمن يجمع شلايا لحون ليلاها إذا الغلا بحساب هدي الشرع ما يكفيك كفاني قولةٍ يكفي طوينا طايل ارشاها عسى قصة قميصين يوسف تأثر فيك عساك تقدّر النفس العفيفة يوم تقراها براة الذيب من دم القميص الأولى تعنيك معاذ الله من قدة قميصٍ ما قربناها وقد أشار د. غسان الحسن إلى أولى النقاط التي تحدثت عنها قصيدة الحب العذري تلك، والتي تدل على أن الشاعر يعيش في دنيا أخرى غير دنيانا، وإلى أن عبارات شعرية منتقاة شكّلت القصيدة، كما بُنيت على وعيٍ سابق بتجارب الشعراء، كما أضاء على البيت (محال يحمل ابياتي جمالك للعموم أحكيك/ أنا ماني سوات وحوش نزوة طيش مغزاها)، في حين قال سلطان العميمي إن القصيدة تحمل ثقافة من الجانبين الديني والحياتي، وشاعرية وجمالاً كثيرين، وهي من النوع السهل الممتنع، وفيها سلاسة وعمق كما في آخر بيتين، أما قميص النبي يوسف فقد اعتبرها التقاطة رائعة. وديع.. والنص النخبوي كان آخر الذين ألقوا قصائدهم في مسرح شاطئ الراحة ليلة أمس وديع الأحمدي الذي قال: تومي جبال الحجاز لغربني واكسرلك اقواس ..... صمتي وأطيّر حروفي في سما البوح العظيمة أحكي عن الذاكرة والحلم وأهدي صدرك انفاس سنين في صدري تغنّي: حليمه يا حليمه أهيم في كل وادي غير ذي زرع أروي احساس كم جف ريق الحنين وشربة الظامي نعيمه أطوف واغسل عجاج النفس واطرد كل وسواس زمزمك ترياق للمشتاق يبري جرح ضميه أصبّه برفق ينساب بفرح الكاس كأنه محب عاتق يعد تغريبة نديمه يرسم خيالي حجيجك يوم لبوا ف ابيض لباس كأنهم غيم ودعاهم مطر يرقى بديمه ألمس ترابك وأعود طفل لك في ضحكة اعراس حتى لو دمعة الوحده على خده كريمه تضك عيني شوارعك العتيقة واطفي الياس واوقد أتاريك أمل تضوي من البيت وحطيمه بين الحواري وهذا الضيق ما ضيق وعي الناس خلق دفا وامنيات موحده وأنفس رحيمه أضغي وكلي طرب للهرج داير بين جلاس وعابر الأماكن بالتحايا والغنيمه كذا ليالي وايامي غدت والشوق دساس يمرر بعرف ذاكرتي حكاويك القديمه ما غبت عنك ترف ما ضاق بي في ارضك نعاس تخاطفتني يدين الرزق والحاجة لئيمه وأنا ورب الحنين أحتاج أضمك روح وانفاس واعود اغني ف حارتك حليمه ياحليمه سلطان العميمي قال إن النص نخبوي، مكثف، جمله تدل على المكان مثل (وادي، شوارع، حواري)، وفيها حنين للمكان، وانعكاس روح المكان على الصور الشعرية بتفاصيلها الدقيقة، وهو ما يؤكد عليه البيت التالي: (يرسم خيالي حجيجك يوم لبوا ف ابيض لباس/ كأنهم غيم ودعاهم مطر يرقى بديمه)، والنص مليء بالرقة، لذلك فهو يستحق القراءة عدة مرات لاستيعاب كم الجمال والإبداع الذي فيه. كذلك أكد حمد السعيد على جمال النص، وإلى الطّرْق المتعب للشاعر والمستمع في آن معاً، لمن المتلقي يستوعبها بجمال بالغ، ومن الأبيات التي لقيت إعجاب د. الحسن (ما غبت عنك ترف ما ضاق بي في ارضك نعاس/ تخاطفتني يدين الرزق والحاجة لئيمه)، (أهيم في كل وادي غير ذي زرع أروي احساس/ كم جف ريق الحنين وشربة الظامي نعيمه)، كما استحضرت مفردات من الفولكلور مثل (وأنا ورب الحنين أحتاج أضمك روح وانفاس/ واعود اغني ف حارتك حليمه ياحليمه). د. غسان وجه حديثه إلى الشاعر، وأخبره أنه نقل المستمع إلى مشاهد حقيقية من الذاكرة مثل (الرحابة، الحج، الضيق، السعة، الحركة)، والنص مليء بالتفاصيل الدقيقة، ورغم طول القصيدة وبحرها الطويل؛ إلا أنها خالية من الحشو، وكل ما فيها كان خدمة للنص، وجاءت العبارات والصور متشابكة (أهيم في كل وادي غير ذي زرع أروي احساس/ كم جف ريق الحنين وشربة الظامي نعيمه)، وكل ذلك وغيره يدل على التشابك الجميل، وعلى الصنعة والحرفة لذاك النص الرائع. الختام المسك .. تأهل فلاح البدري وبدر بندر خضع جميع الشعراء الذين شاركوا ليلة أمس للاختبار الذي بات جزءاً من الحلقات، حيث وصلتهم في المغلفات قبل الحلقة أبيات لمجموعة من الشعراء من أمثال بدر عبد المحسن، سعد بن جذلان، سعيد بن عتيج الهاملي، عمير بن عفيسه، سلمى بنت ظاهر، راشد الخلاوي، وكان عليهم الرد عليها حسب الموضوع الذي طلبته اللجنة، لكن على الوزن والقافية. وبالعودة إلى صالون التحليل أجمع كل من الإعلامي عارف عمر ود. ناديا بوهنّاد على أن الحلقة كانت متميزة بجميع شعرائها، وبدا الشاعر أحمد الأسيحم جيداً في أدائه، رغم أن د. بوهناد توقعت أداءً أفضل منه، لكن المتسابق لم يكن مرتاحاً في البداية، وقد حاول التركيز مع د. غسان، وقد حصل الأسيحم على 6% من تصويت جمهور المسرح، فيما أعطته اللجنة 47 درجة من 50. بخيت المري كان متواضع الحضور، جيد الأداء، شعر خلال الحلقة بالراحة والثقة، كان منتبهاً للجنة، لكنه كان يحرك لسانه وشفتيه، وحصل المري على 6% من تصويت الجمهور و45 من اللجنة. حمد سعيد البلوشي جاء حضوره في الحلقة رائعاً، قوياً، استعراضياً، وحماسياً، صوته كان في بداية الإلقاء عالياً، لكنه أدى بشكل رائع، وصوّت له الجمهور بـ38%، وأعطته اللجنة 48 درجة. خميس الوشاحي: بدا جيداً، وأداءه تناسب مع النص، كان مستعداً ومتفاعلاً مع الجمهور الذي أعطاه 7% الجمهور من التصويت، فيما أعطته اللجنة 43 درجة. سلطان المريخي المطيري: كان قوياً، استطاع جذب الجمهور، عبّر جسدياً وحركياً، وبدا مرتاحاً ومستعداً وعلى طبيعته طوال الوقت، وأعطاه جمهور المسرح 11%، واللجنة 47 درجة. وديع الأحمدي: بدا جيداً، غير أن أداءه كان بالنسبة للدكتورة ناديا غريباً، ولم تَبَن على وجهه مشاعر، لكنه حصل على أعلى نسبة تصويت إلكتروني وهي 32% أعلى درجة تصويت الكتروني، وجمهور المسرح 13% الجمهور، ولجنة التحكيم 48 درجة. - أما بدر بندر الذي تمكن من جذب الجمهور، فقد كان جيد الأداء، وفي حالة استعداد، أعطته لجنة التحكيم 49 درجة، وهي ذات الدرجة التي حصل عليها فلاح البدري الذي بدا خلال الإلقاء قوياً، وقد جذب الجمهور بشكل ممتاز بعد أن راوده شعور بالاستغراب حين كانت اللجنة تقول رأيها فيما قدّم. الشعراء الستة الذين لم تسعفهم نتيجة اللجنة بانتظار التصويت عبر الـSMS، وهم: أحمد الأسيحم (رقم 2)، بخيت البريدي المري (رقم 6)، حمد البلوشي (رقم 11)، خميس الوشاحي (رقم 15)، سلطان المريخي المطيري (رقم 19)، وديع الأحمدي (رقم 48)، على أمل كبير بالفوز في الحلقة المقبلة. والجدير بالذكر أنه سوف يُبث برنامج المغاني المصاحب لـ "شاعر المليون" في اليوم الثاني من بث الحلقة المباشرة من المسابقة، أي مساء الخميس من كل أسبوع، والمغاني من إعداد وتقديم الإعلامي المعروف عارف عمر، وخلال المغاني يتم تحليل الحلقات وشخصيات الشعراء المشاركين في كل حلقة من قبل د.نادية بوهناد، وإلى جانبها يستضيف عارف عمر ضيوفاً لهم باع في الشعر والنقد والإعلام. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الأحد 23-02-2014 04:54 صباحا
الزوار: 3615 التعليقات: 0
|