|
في الحلقة الأخيرة من المرحلة الثانية بلّعمش يتأهل بتصويت الجمهور، وعلاء جانب يقطف بطاقة لجنة التحكيم
عرار:
في الحلقة الأخيرة من المرحلة الثانية...بلّعمش يتأهل بتصويت الجمهور، وعلاء جانب يقطف بطاقة لجنة التحكيم ابو ظبي - عرار:لم يعد ثمة فاصل زمني طويل بين مجريات حلقة ليلة الأمس الأربعاء، وهي الأخيرة من المرحلة الثانية من "أمير الشعراء"؛ والحلقة القادمة التي سيتبارى خلال أحداثها ستة شعراء فقط، ليخرج أحد المشاركين منها، فيما يستمر خمسة حتى الحلقة الأخيرة، أي حلقة ترتيب المراكز. ففي حلقة ليلة أمس التي انطلقت في تمام العاشرة مساءً على قناة أبوظبي – الإمارات؛ أعلن الفنان باسم ياخور عن مشاركة خمسة شعراء هم خالد بودريف/ المغرب، يحيى وهاس/ اليمن، منى حسن الحاج/ السودان، عبدالمنعم الأمير/ العراق، علاء جانب/ مصر، بحضور أعضاء لجنة التحكيم د. علي بن تميم، د. صلاح فضل، د. عبدالملك مرتاض. لكن قبل انطلاق الشعراء بإلقاء قصائدهم، تقدم شعراء الحلقة الماضية الذين كانوا بانتظار تصويت الجمهور عبر الرسائل الصوتية، وفاز من بينهم الشيخ ولد بلّعمش/ موريتانيا بحصوله على 85% من الدرجات. فيما خرج من المنافسة هزبر محمود بحصوله على 43%، ثم مناهل العساف التي حصلت على 42%، وأخيراً عبدالله الصديق الذي لم يحظ إلا بـ39%، علماً أن الآراء التي جُمعت من إحدى جامعات أبوظبي اجتمعت على جمال قصيدة مناهل العساف "درب الرؤى"، إلى جانب قصيدة هزبر محمود. ثم قدم د. عبدالملك مرتاض ضيفة الحلقة أميرة الموسم الأول من "أمير الشعراء" الشاعرة السودانية روضة الحاج ؛ التي قام الشعراء لاحقا بمجاراة قصيدتها "أبوظبي تقرأ" موضوعاً ووزناً وقافية، وخلال ساعة عليهم إنهاء كتابة مجاراتهم.بودريف.. الرحيل شعراً إلى أبوظبي استهل المنافسة الشاعر خالد بودريف الذي عُرِف عنه انحيازه للفلسفة وللصوفية في نصوصه، ما يجعل الشعر رائعاً برأيه، وقد بدأ الحلقة بقصيدته "الشاعرة" التي قال فيها: كَحِبْرٍ لأِلْوَاحِ القَدَاسَةِ بَحْرُهَا وَذَاكِرَةٍ كَالنّقْشِ فِي الرّوحِ سِفْرُهَا كَمَانٌ لأِوْتَارِ السَّمَاحَةِ ضِلْعُهَا وَكُوخٌ لأِرْوَاحِ القَصَائِدِ صَدْرُهَا تُعِيرُ غَمَامَ الصّمْتِ أَلْفَ حِكَايَةٍ وَلاَ شَيْءَ في الأُفْقِ البَعيدِ يَغُرُّهَا تَخِيطُ لِبَيْتِ الشِّعْرِ رُوحَ قَصِيدَةٍ فَيَلْبَسُهَا فِي حُلَّةِ الضَّوْءِ سَطْرُهَا سَمَاءٌ لِكُلِّ المُلْهَمِينَ تُرَابُهَا وَعُرْجُونُ شَمْسٍ في المَدَائِنِ ثَغْرُهَا عَلَى صَهْوَةِ الضَّوْءِ القَدِيمِ خُيُولُهَا ذُرَى الغَيْمِ وَالجَيْشُ السّمَاوِيُّ صَقْرُهَا وَيَمْتَدُّ مِنْ شَمْسِ المَكَارِمِ ظِلُّهَا لِتُكْرِمَنَا غَيْبًا، فَلِلَّهِ دَرُّهَا هِيَ امْرَأَةٌ فِي النُّورِ لاَ أَرْضَ مِثْلُهَا وَشَاعِرَةٌ بَيْتُ الإِمَارَةِ قَصْرُهَا مِنَ الغَيْبِ جَاءَتْ خَلْفَ صُورَةِ زَايِدٍ بِسِتِّ إِمَارَاتٍ تَكَامَلَ بَدْرُهَا بِأَجْنِحَةِ الصّحْرَاءِ تُدْهِشُ مِنْبَراً هَنِيئاً أَبُوظَبْيٍ سَيَخْلُدُ شِعْرُهَا تلك القصيدة التي أشار د. عبدالملك مرتاض إلى جمالها، وإلى عنوانها الذي يحمل الدسّ والمكر، معتبراً أن تلك هي سيرة الشعر الحق، لكنه ارتأى أيضاً لو أن بودريف قال في البيت الأخير (سيخلد ذكرها) بدلاً عن (سيخلد شعرها) لكان برأيه أبلغ، كما أشار إلى إعجابه بالبيت الأول (كَحِبْرٍ لأِلْوَاحِ القَدَاسَةِ بَحْرُهَا/ وَذَاكِرَةٍ كَالنّقْشِ فِي الرّوحِ سِفْرُهَا)، وإلى تعامل الشاعر مع أضواء أبوظبي، إلى جانب رصده ثقافة الصقور والخيول فيها، وهو ما لم يأتِ بصورة مباشرة، إنما ذهب إلى التعمية والتغطية، إلا في الأبيات الثلاثة الأخيرة، وهذا ينم عن معدن أصيل، وشعر جميل. د. صلاح فضل رأى أن خالد يوظف في النص نوعاً من الخيال المراوغ، فيحسب المتلقي أن الشاعر يتغزل في الأنثى الشاعرة، وهذا من ألاعيب الشاعر الذي لم يذهب بعيداً في أغوار التاريخ والذي كان عليه الحفر في المكان، بدءاً من امرئ القيس وليوا، على الرغم من أن الشاعر عثر على رابط بين المدينة والشعر، لكن د. فضل حذر من المبالغات الفجة كالتي جاءت في الشطر الأول من البيت الأخير (سَمَاءٌ لِكُلِّ المُلْهَمِينَ تُرَابُهَا)، لأن ذلك يحط من مقام المدينة. د. علي بن تميم أشار إلى الربط الجميل والعذب بين الحبر والكتابة، وإلى وصف المدينة الجميلة، حيث أخذنا الشاعر إلى عالم الأساطير، لكن د. بن تميم أكد على ضرورة تصوير حكاية اليوم كي لا ينفصل التاريخ عن الواقع، وهو الملمح الذي غاب عن النص، كما أشار إلى بعض المفردات مثل (حبرها، خيولها، ظلها) حيث اعتمد بودريف على جملة نمطية، كما اقترح لو أنه قال (مِنَ الماءِ جَاءَتْ خَلْفَ صُورَةِ زَايِدٍ) بدلاً عن (مِنَ الغَيْبِ جَاءَتْ خَلْفَ صُورَةِ زَايِدٍ) لاقترب أكثر من التاريخ ومن رمزية أبوظبي. الأمير.. ترقيص الطفل من خلال قصيدة "طرقٌ لم تكتملْ عثراتُها" جاءت مشاركة عبدالمنعم الأمير في حلقة ليلة أمس، وقبل أن يلقي أبياته حكى حكاية قصيرة قال فيها: كانت أمي حين تهدهدني تغني لي: (دللول يا الولد يا ابني دللول/ عدوك عليل وساكن الجول)، وهي ترقيصة عراقية شعبية، ثم دخل إلى أولى أبيات النص الذي جاء فيه: لي صوتُ هذا الندى، يجري مواويلا ولي خطاه تحوك الورد منديلا لي الصبابات.. لي عمرٌ بكامله أبعثر الصمت في عينيك تأويلا (إن العيون التي في طرفها حور( ما زلن يقتلنني صدا وتأميلا يا للجميلات..كم أهرقن من عمري وما ارتوين.. وكم بدلن تبديلا فكيف جئت؟ ألا تدرين أمزجتي؟ أنا ابتداء وخلفي كل ما قيلا أنا عقرت بدارات الهوى جسدي وعدت كالملك الضليل ضليلا وضاجعتني حروب لست أعرفها وفرّخت في دمي مليون قابيلا وجفت الروح حتى ملت منكسرا وصار مني ربيع القلب أيلولا أجوب بحراً أكفُّ الموت ساحله حتى نوارسه أمست أبابيلا فاين أنجو؟ ولا حضن يهدهدني ويسكب الليل في روحي (دللّولا) د. عبدالملك مرتاض ذكّره قول الأمير في البداية بترقيصة هند بنت أبي سفيان لابنها، وأضاف: لو أنك مضيت على هذه الترقيصة الشعبية لكان أبهر، وفي النص استحضرت جرير وامرئ القيس، كما استخدمت الاستعارة المكنية، ثم ختمت نصك - الذي أدهشني وأسرني – بالتدوير. د. صلاح فضل قال: قصيدتك بديعة بصباباتك وجميلاتك وحرياتك، ومناوشاتك لجرير بالصد والتأويل، وهذا بليغ، أما بالنسبة لجسدك الذي عقرته بدارات الهوى، والعراق الذي يضاجع حروباً، فإن أفضل ما فيه المزج الصعب بين العذاب في الجمال وتباريح الوطن، ولعل هذا المزج ما يميز قطعتك البديعة. د. علي بن تميم أشار إلى النص باعتباره قطعة بديعة، وتوقف عند الإشارة (دللولا) التي بقيت خارجية عن النص، فلم تبرز إلا في البيت الأخير، وأوضح أن في النص مناخين، مناخ عذب ومواويل وندى وصبابات، ومناخ قاتم فجائي يبرز في عقر الجسد، وفي المناخين جمع الشاعر بين الموت والحياة، وهما قائمين على التجاور وليس على الانسجام، أما الطرق في العنوان فتحيلنا إلى طرق أبو الطيب المتنبي، وقد أبدع الشاعر. علاء.. قطعة من الطفولة علاء جانب "لاقِطُ التُّوت" لديه جانب مرح لطيف يخفيه كما قال له د. صلاح فضل، وقد كان على مدار ما قدمه خلال الحلقات السابقة مثار إعجاب لجنة التحكيم والجمهور على حد سواء، وهذا ما حققه أيضاً في نصه الذي ألقاه ليلة أمس، واستحق عليه بطاقة لجنة التحكيم: هُوَ ذا أَسَايَ فمن يضمُّ سمائي شوْقُ الغَمامةِ؟ أمْ حنانُ الماء؟! مرَّتْ صبايا الفَجْرِ فوقَ مَجرَّتي وجِرَارُهنَّ مليئةٌ بِغِنائي فَتَرَكْنَ أسْرَارَ البَنَاتِ عَلَى فَمِي مُبْتَلَّةً بالضَّوْءِ والحِنَّاءِ يسْألْن عنْ وَلَدٍ يُلَقِّطُ تُوتَهُ ويَدُسُّهِ لِفَتَاتِهِ السَّمْراءِ شَاخَتْ أَغَانِي التُّوتِ فِي جَيْبِي ولمْ تَزَل الرَّبَابَةُ في يَدِ الحَكَّاءِ تَحْكِي الرَّبَابَةُ والسِّنِينُ رَوَاحِل في غَزْلِ ثَوْبِ وُجُودِهَا بفَنَائِي يا شَمْسُ يا أُخْتَ الجَنُوبِ أما كفى؟ تَعِبَ المَدَارُ وجَفَّ رِيقُ حُدَائي أنَا مَنْ سَرقْتُ النَّار مِن وادِي العَمَى وجَرَرْتُ حُزْنَ الأمَّهَاتِ وَرَائِي ومَدَدْتُ أزْهَرِيَ الشَّرِيفَ حَمَائِمَاً زَرَعَتْ كَواكِبَهَا بِكُلِّ سَمَاءِ لا لَنْ يُرَكِّعَني الظَّلامُ وشَمْعَتِي شَفَةُ الحُسَيْنِ عَلَى فَمِ الصَّحرَاءِ د. عبدالملك مرتاض أكد أن العنوان بديع لأنه يحيل إلى شخصية شعرية، فالتوت يدل على سمات حاضرة، والنبت يدل على المثمر، والثمر على الفاكهة، وبالتالي فإن العنوان مثقل بشبكة قيم، كما أشار إلى إعجابه بلفظة (تحكي)، وفي النص كذلك – كما قال - استحضار للمعرفة والعلم والتاريخ، وتصوير رصين متماسك لا يكون إلا للفحول، أما البيت الذي قال فيه الشاعر (يا شَمْسُ يا أُخْتَ الجَنُوبِ أما كفى؟/تَعِبَ المَدَارُ وجَفَّ رِيقُ حُدَائي) فقد أدهش د. مرتاض، متسائلاً: ما هذه الشعرية الطافحة، والشعر الذي حلقت به نحو العلاء. د. صلاح فضل قال: في النص ثلاثة نقلات، نقلة رقة ووداعة وجمال حين تصور قطعة من الطفولة بدهشة الذي يدس التوت في حجر الصبية، والنقلة الثانية حول الحكي، وهي نقلة شعرية بامتياز، والنقلة الثالثة التي تتعلق بالأزهر، وأرى أن لا مبرر لها إلا سيرتك الشخصية، أما رفضك الركوع فهو موقف جميع المصريين، وقد مثلت روح المصري الأصيل في مقدمتك والقصيدة. د. علي بن تميم أشاد بالقصيدة التي تقدم نموذجاً جميلاً بين الشعري والسياسي، وتصور عالم القرية الوادع الذي يتكون من التوت والربابة، فهو عالم يفيض بالروحي، لكن سرعان ما يتلاشى هذا العالم عندما تسرقه القوى الظلامية، فيما يظهر الأزهر بوصفه قلعة (لا لَنْ يُرَكِّعَني الظَّلامُ وشَمْعَتِي/ شَفَةُ الحُسَيْنِ عَلَى فَمِ الصَّحرَاءِ)، وختم د. بن تميم بقوله: إن أغاني التوت لن تشيخ أبداً. منى.. بين البوح والتكتم "تعويذة" منى حسن الحاج تراوحت بين البوح والتكتم، ومع ذلك بدت صادقة أبرزت طيبة كاتبتها نموذج المرأة الجنوبية، وعلى الرغم من لجوء منى للبحر المرقص؛ إلا أنها استطاعت صياغة شعر جميل جاء في الأبيات التالية: سحائِبُ روحي بالشجونِ نوازفُ ونيلُ حُروفي مُطْرِقُ السطرِ واجفُ أطوفُ بعينيكَ الحنينُ يلوكُني فتنهبُ عيني البارقاتُ الرّواجفُ تغرَّب قلبي عن مدائنِ وحيِهِ فغصَّت بأنّاتِ الحروفِ الصحائفُ يتيمٌ، كفيفُ الخطوِ رهنُ مواجعٍ يراعٌ على حَدِّ التولُّهِ واقفُ يعِيذكَ مِنْ بوحٍ توشَّحَ بالجوى وَمِنْ شَهَقاتِ الصبرِ والصبرُ نازِفُ يُعيذكَ منْ صوْلِ التوجّد والنوى إذا اشتعلت في مقلتيكَ المخاوفُ يُعِيذكُ مِنْي منْ جُمُوحِ هواجسي ومن وِرْدِ ماءِ الوصلِ والشوقُ عاصِفُ لك الشعرُ والبحرُ المسافِرُ في الرؤى ورفَّةُ وجدٍ هيّجتهُ العواطفُ لك العهدُ والوعدُ المُشجَّرُ بالمُنى وفوق قطوفِ البوحِ ما اللهُ عارفُ د. عبدالملك مرتاض أشار إلى العنوان الجميل الذي يحمل شبكة معانٍ مرتبطة بالمعاني الشعبية، مثل السحر والشعوذة، والإيمان، والتشاؤم، لكن لماذا اختارت منى الإيقاع الطويل متمثلاً في البحر المرقص؟ مثلما سألها د. مرتاض، فهو بحر الفحول، واقترح لو أنها اختارت إيقاعاً بسيطاً لربما كانت أقدر على التعبير، كما أشار إلى أجمل بيت هو الأخير (لك العهدُ والوعدُ المُشجَّرُ بالمُنى/ وفوق قطوفِ البوحِ ما اللهُ عارفُ)، بالإضافة إلى الصورة (ما الله عارفُ)، لكن لم تعجبه مفردة (المشجر)، فهي ليست شعرية، غير أن منى أنشدتنا الجميل من الأشعار. د. صلاح فضل من جانبه بدأ من البيت الأول (سحائِبُ روحي بالشجونِ نوازفُ/ ونيلُ حُروفي مُطْرِقُ السطرِ واجفُ )، وسأل الشاعرة: مم تخافين هكذا؟ تعيذين الحبيب من البوح والوجد والخوف، لكنك لا تفصحين عن السبب، ثم تعوذينه من نفسك، ومن الوصل العاصف، والصورة الحاضرة في النص هي الوجد الغائب عند امرأة الجنوب، لكن النص تعويذة مفعمة بالصدق والطيبة، فيما أعجبه البيت (لك الشعرُ والبحرُ المسافِرُ في الرؤى/ ورفَّةُ وجدٍ هيّجتهُ العواطفُ)، وأجمل كناية وجدها (ما الله عارف)، وهذا يفوق البوح والكتمان. أما د. علي بن تميم فقد رأى أن النص مسكون بهاجسين يتصارعان هما: الرغبة بالبوح، والرغبة الشديدة بالتكتم، ما دفع الشاعرة لكتابة تلك التعويذة التي فيها قدر كبير من الصدق، والأبيات الثلاثة الأولى تقترب من شعر الحماسة، وفيها قدر من الافتعال، لتأتي بعدها الأبيات المملوءة بالوجد التي تنسجم مع طبيعة الموضوع. يحيى.. أصوات شعب بأكمله "في غيابة الصمت" كان عنوان النص الذي ألقاه يحيى وهاس، وهو الذي وصفه أحد أعضاء لجنة التحكيم أنه شعري، وقد قال يحيى في نصه: جـاء فـرداً بهِ تليـقُ الفرادهْ شـاعرٌ ضـمَّ في الحـنايا بِلادَهْ كان يَغـشَى القوافيَ البكرَ ليلاً ويُـدَلّي صـباحَها في هَـوداهْ كان ينوي يريدُ شيئاً ولكنْ رهبةُ البوح قد أضاعتْ مُرادَهْ في غَياباتِ صـمتهِ وَسَّــدوهُ وهْو مَن كانت الثـريّا وِسادَهْ جاءَ فرداً يسابقُ الريح يعلو صهوةَ الضاد مَنْ سيثني جَوادَهْ؟ يَرهَبُ الـناسُ طارئاتِ الليالي لا يبـالي بهنّ أصبحنَ عـادَهْ رَضَـعَ البأسَ مِن ضروعِ الفيافي ابنُ ذاتِ العمـاد قَـوّى عِمادَهْ خَـطَّ آيَ الكفاح في كل رِيـعٍ بِـدَمِ الصخر كان يسقي مِدادَهْ يا فراديسَ أرضِ بلقيسَ عُـودي لَقّني الشمسَ مفرداتِ الشهادهْ وارفعي رايةَ الشموخ وضُـمّي شـاعراً ضَـمّ في الحـنايا بِلادَهْ من جهته قال د. عبدالملك مرتاض أن العنوان شعري لأنه مخادع، فيما يحمل النص عدة أصوات متقاطعة متجاوبة متصادية، وهي أصوات شعب بأكمله، فهناك الصمت بما يحمله من صوت، والصوت الذي يحيل إلى الذبذبة، والحركة التي تحيل إلى الحيوية، وهي شبكة سمات فيها تكثيف، ثم إن النص عبق بمفردات اليمن، ومعطر وممتد بين تعزه وصنعائه. د. صلاح فضل قال: إن كل شاعر يضع في الحنايا بلاده، وهذا ما فعلته، لكنك أيها المتفرد تضع ذاتك بين رهبة البوح وغيابة الصمت، كما تتحدث عن ذاتك في البيت (خَـطَّ آيَ الكفاح في كل رِيـعٍ/ بِـدَمِ الصخر كان يسقي مِدادَهْ) لكن في ذلك شيء من التناقض، كما أخشى من تغنيك بالشهادة في البيت: (يا فراديسَ أرضِ بلقيسَ عُـودي/ لَقّني الشمسَ مفرداتِ الشهادهْ) بينما تنتظرنا الحياة، سيما وأننا نعيش لحظات حرجة، وعليه لا بد أن يكون شعراؤنا دعاة حياة. د. علي بن تميم أشار إلى أن العنوان يذكر بغيابة الجب، وفي النص إشارات تصور علاقة الشاعر بشعره، حيث يذهب إلى القوافي البكر، ويرضع البأس من ضروع الفيافي، أما مفردة الشهادة فهي طارئة، غير أن في النص رتابة، لكن هذا لا ينفي وجود بعض الجمالية والقوة، وختم بالقول: سر في الهواء رويدا كما يقول أبو العلاء المعري. الارتجال مع روضة الحاج كانت ضيفة حلقة ليلة أمس الشاعرة روضة الحاج نجمة "أمير الشعراء" في موسمه الأول، وقد ألقت نص "أبو ظبي تقرأ" ليعارضها الشعراء بقصائد لا تزيد واحدتها عن خمسة أبيات، لكن تلتزم موضوعها ووزنها وقافيتها، وقد قالت في قصيدتها: ألاحقه والريح تذروه والمدى وأندهه يا شعر يرتدّ لي الصدى أنادي كأم ضاع منها وليدها على كل شيء قد يرد على الندا وأعدو كأن الأرض تعدو وراءنا خيولاً من الأشواق والخوف والردى أيا شعر يا كهف النبؤات دلني أنا التيه والإيمان والجهل والهدى تبعت بحوراً أورثتني سرابها هرقت يقيني في الطريق لها سدى وما حاجة الدنيا إلى صوت شاعر يعيد معاداً قيل قبلاً مرددا وما الشعر إن لم يقتلعنا لبرهة عن الأرض إدهاشاً حضوراً تمردا عزفت عن اللحن الذي قد عزفته فقد كان ظمآناً فلم يروِ لي صدى ولاحقت هذا البيت والليل موحش إلى بيت أهل الشعر والفضل والندى وقفت على شط الإمارات برهة فنادت أن اقرأ، فصحت أعظم به ندا ولاحت أبوظبي كتاباً مؤثلاً من العلم والامجاد والخير والجدا قوافل أشبال الى العلم تنتمي (لخير جليس) يكشف اليوم والغدا شباب إلى العلياء جدوا مسيرهم وصوت عظيم الدار للعلم قد حدا سلاماً على الأرض التي قد تخيرت من المكرمات العلم مجدا وسؤددا إذا غاب بدر الحرف ضاءت حروفها قناديل عشق للمحبين سرمدا لكنها قبل إلقاء نص المجاراة لم تنسَ روضة إعادة قصيدتها التي كانت قد ألقتها قبل سنوات في مسرح شاطئ الراحة، وقالت في مطلعها: حيي الإمارات يا حي حييها واغسل همومك طراً في سواقيها ومن ثم قرأ الشعراء مجاراتهم، حيث قال خالد بودريف من "مدينة الحبر": كتبتِ بحبر الماء مجداً وسؤددا وأنت ببحر العلم تحيين سرمدا تعيدين إحياء القصيدة بالرؤى وبالشعر تعلين المدائن في المدى سلاما على أرض الإمارات في الورى سلاما أبوظبي كتاباً وموردا فيما جاء في قصيدة عبدالمنعم الأمير: ومن راحتيه الشمس تشرق حرة فكيف لهذا الكون يحضنها المدى هو الشعر في أرض الإمارات صوته يقد قميص الليل نوراً به الهدى وكانت أبوظبي تلم شتاتنا ليشرب منها العلم والشعر والندى وألقى علاء جانب نصاً قال فيه: مددت يدي بالحب مدّوا لها يدا وخلّوا الذي باع الضلالة بالهدى غرست من النيل الوفي قصائدي وجئت بها داراً ترى العلم سؤددا أبوظبي تخضر الأغاني لذكرها ويختال فيها الجاه والعز والندى ومن "قصيدة العز" قرأت منى: تهادت أبوظبي تنير لنا المدى أيا شعر أسعفني فيديتك منجدا ونادت أن اقرأني فقلت قصيدة بها الحرف مفتون يطير مغردا توشحها زايد الخير أحرفاً تضيء مقام الصاعدين إلى الهدى يحيى وهاس أبدع حين قال: أبوظبي فيك الشعر عطراً تنهدا وفيك تلاشى الآه والحرف غردا بعثت صباباتي وبلسمت أحرفي وأيقظت من بين الغياهب أبجدا أيا شعر يا كهف النبوءات إنني بنيت بقلبي للقصيدة معبدا روضة الحاج قالت بعد انتهاء الشعراء: إنهم وُفِّقوا في مجاراة البحر الطويل الذي اختارته، أما المعاني فقد عدّلت بعض الكسور التي التقطتها لدى البعض، لكن القول الفصل عند لجنة التحكيم، ومن جهته قال د. صلاح فضل أن روضة استطاعت قيادة الشعراء بمهارة وسلاسة وإبداع، وقد عبّر كل شعر بصدق عن إحساسه تجاه أبوظبي والشعر، فخالد مجاراته بليغة، وعبدالمنعم يهدهد أطفاله ويستخدم معجمه بطريقة جميلة، أما علاء فقد أكد علو كعبه في الشعر، فيما أصاب إيقاع شعر منى الخلل، وأخيراً عبر يحيى عن عرامة شعريته وقوتها. د. علي بن تميم أشار إلى أن الشعراء كتبوا جيداً لولا بعض الإخفاقات، غير أن فكرة القراءة غابت بمعناها المباشر، وبرزت قراءة المواجد، لكنهم أبدعوا. عبدالملك مرتاض أكد ما ذكره د. بن تميم، حيث كادت تغيب فكرة القراءة، ثم أشاد بعنوان بودريف المبتكر "مدينة الحبر"، وبمجاراة عبدالمنعم اللطيفة والطافحة بالشعرية، فيما كان علاء يتنفس الشعر، وأجمل ما قالته منى مطلع المعارضة، في حين جاء يحيى بتصوير بديع ورفيع وأحسن في المعارضة. نتائج وتأهل قبل الإعلان عن خامس الشعراء المتأهلين، أعلن باسم ياخور عن نتائج التصويت عبر الموقع الإلكتروني فحصل عبدالمنعم الأمير على 2%، ومنى الحاج على 5%، وخالد بودريف على 8%، فيما صوّت جمهور الموقع ليحيى وهاس بـ32%، وبـ 53% لعلاء جانب. وحسب تصويت جمهور المسرح حصل الأمير على 5%، وبودريف على 11%، فيما حقق يحيى 12%، وارتفع رصيد منى إلى 33%، وكان الأعلى بين زملائه علاء الذي حصل على 39%، كما كان الأوفى حظاً بحصوله على بطاقة لجنة التحكيم. تلاه في الدرجات عبدالمنعم الذي حصل على 43%، ورقم تصويته (11)، وحصل بودريف ورقمه (6)، ويحيى وهاس على ذات الدرجة وهي 41% ورقم تصويته (20)، فيما لم تتجاوز درجات منى الحاج حسن 38%، ورقم التصويت لها (16). والجدير بالذكر أن الحلقة القادمة، وهي الحلقة ما قبل النهائية، ستجمع ستة متنافسين وهم: ليندا إبراهيم، هشام الصقري، محمد أبو شرارة، الشيخ ولد بلّعمش، علاء جانب، والشاعر الأخير هو الذي سيتأهل من بين شعراء الليلة الماضية من خلال تصويت الجمهور، وهو ما نتعرف إليه الأسبوع القادم. وقبل انتهاء الحلقة أوضح د. بن تميم أنه في الحلقة القادمة معيارين جديدين للمسابقة، أولهما: سيُطلب من الشعراء كتابة قصيدة موزرونه مقفاة بين 8 و10 أبيات حول رحلة كل متسابق في "أمير الشعراء"، إلى حانب معيار ثانٍ شائق سيعلن عنه لاحقاً، وسيكون مفاجأة الحلقة القادمة، وبناء عليه لا بد من شعراء أمسية الليلة الماضية أن يكتبوا قصائدهم حسب المعيار السابق، لأن واحداً منهم فقط سينضم إلى المتأهلين الخمسة، ليصبح عددهم ستة، ويتنافسون من جديد، فيخرج واحد من غمار المسابقة، فيما يستمر البقية إلى الحلقة الأخيرة حيث التنافس على المراكز. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: السبت 29-06-2013 11:20 مساء
الزوار: 1903 التعليقات: 0
|