|
عمان صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب الجديد للباحث جوني منصور، بعنوان «فلسطين والفلسطينيون؛ تاريخ واحد لشعب واحد». والكتاب عبارة عن دراسة معمّقة لتاريخ فلسطين أرضًا وشعبًا في القرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين وصولاً إلى حرب الإبادة التي تشنُّها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة الغربية أيضًا. وانطلق الكتاب مُقَدِّمًا عرضًا موجزًا لأبرز المحطّات التاريخية في مسيرة الشعب الفلسطيني عبر الزمن والدراسة في هذا الإصدار ليست إضافة لما هو قائم، والقائم من الدراسات التاريخية عن فلسطين ليس بالقليل إنّما تميّزها بعرض تاريخ الشعب الفلسطيني قبل عام النكبة 1948 وبعده بكونه تاريخ واحد لشعب واحد بالرغم من تشتيته وتفريقه جغرافيا على مساحات تجاوزت حدود فلسطين التاريخية. فالتاريخ الفلسطيني بقي واحدًا حتى 1948 حين عملت آلة تفكيك وتشتيت الشعب الفلسطيني على يد المشروع الصهيوني المدعوم من الكولونيالية الغربية لصالح إحلال شعب آخر مكانه وسط عمليات تهجير وتطهير عرقي واحتلال مدن وقرى وطمس معالمها الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية. ثم وجد الشعب الفلسطيني نفسه منتشرًا في مواقع عدّة خلف حدود فلسطين، بالإضافة إلى من بقي منه في أرضه سواء تلك التي أقيم عليها دولة إسرائيل، أو تلك في الضفة الغربية وقطاع غزّة. وهنا تشكلت مرحلة جديدة من تاريخه، حيث سطّرت كل مجموعة فلسطينية تاريخها في موقعها الجغرافي الجديد، وواجهت التحديات التي تخص واقعها بعد صمت مدافع حرب الـ 48 والتي تعرف بـ «النكبة». ولكن ما وحّد المجموعات الفلسطينية ولا يزال رغبتها في إعادة تشكيل فلسطين واحدة لهذا الشعب المشتت، وإن كان ذلك بنصوص تاريخية. بمعنى آخر، انطلق الفلسطينيون منذ نكبتهم للعمل على ترميم تاريخهم وواقعهم بطرق شتّى، أبرزها بناء مشروعهم الوطني. فالكتاب يستعرض تاريخ الفلسطينيين الباقين في أرضهم والذين تحوّلوا من أغلبية إلى أقلية تحت حكم دولة اسرائيل، ونضالهم من أجل البقاء والحقوق المتساوية. وتاريخ آخر للفلسطينيين في مخيمات اللجؤ في لبنان وسوريا والاردن. وتاريخ آخر للفلسطينيين في الضفة الغربية وغزّة في مقارعة الاحتلال وسياساته الابادية التي تكشّفت مؤخّرًا بعد السابع من اكتوبر 2023. والكتاب قد تطرّق إلى الفلسطينيين في الشتات. بالمحصلة، فإنّ الكتاب عبارة عن محاولة رسم تاريخ واحد لهذا التمزُّق، والآخذ بعين الاعتبار الرؤية الفلسطينية الواحدة وهي الحفاظ على تاريخ وتراث فلسطين، والرؤى التحررية للشعب الفلسطيني. ويأتي صدور الكتاب في زمن الإبادة التي تنفذها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وسط صمت عربي ودولي رهيب، إلّا من تصريحات وبيانات هي ضريبة كلامية وأوهام ليس أكثر. وبالرغم من الوجع والألم والجرح الفلسطيني إلّا أنّ الكتابة التاريخية عن فلسطين عبارة عن فعل صمود في مواجهة آلة الحرب والإبادة والتشتيت التي تعمل منذ عقود طويلة، دون مبادرة جادة لتوقيفها. هل هو عجز المجتمع الدولي عن ذلك؟ أم إفلاس هذا المجتمع واقتراب مغادرته الساحة العالمية مفسحا الطريق أمام أنظمة استبدادية لا يقف في طريقها أي شيء. وبوجه مخصص تفشي ظاهرة الصمت واللامبالاة العربية تجاه إخوانهم الفلسطينيين الذين تُرِكوا لوحدهم يصارعون الموت جوعا وتمزقا وقتلا ومحوا. يبقى النص التاريخي وسيلة للحفاظ على السردية التاريخية التي تتعرّض يوميًّا إلى شيطنة وانتقاص وتشويه وتلفيق من طرف السردية الصهيواسرائيلية ومن يسير في صفها. يقع الكتاب في 288 صفحة من القطع الكبير. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأحد 22-06-2025 12:58 صباحا
الزوار: 33 التعليقات: 0
|