يستعرض "حتى ينتهي هذا الرِثاء" مجموعة متداخلة من الأعمال الفنية التي يتتبع كل منها جوانب استمرارية حياة الناس وهوياتهم وثقافاتهم، وتتضمن الأعمال توثيقًا لأشجار الزيتون المعمّرة في قرية "دير ميماس" في جنوب لبنان، حيث استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية العديد من تلك القرى والأراضي بالفسفور الأبيض، بينما تقف أشجار أخرى كرموز صامتة لأجيال مضت وأخرى قادمة. كما تتضمن أعمال جو منحوتة صوتية تستحضر رعب صوت صفارات الإنذار، وتكشف عن هشاشة الشعور بالأمان داخل حدود المشروع الاستعماري الاستيطاني في فلسطين، وكأنه، في الوقت نفسه، صوت شهادة على إسكات الحقيقة.
كما يستعرض جو نعمة الإرث الموسيقي والفلسفي للفنان حليم الضبع، الذي تُضيء إحدى أعماله الموسيقية التي أنجزها بعد النكبة على دور الصوت كأداة حفظ للمعاني والذكريات عبر الزمن. يتعاون جو أيضًا مع موسيقيين من معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقا لتأليف قطع مستوحاة من التجارب والروابط الشخصية بين الفلسطينيين وأرضهم.
وتتقاطع هذه الأعمال لتُجسد معًا ما يُمكن اعتباره رثاءً يعكس مشاعر الحزن العميقة وحجم الفقدان والخسارة من حولنا، لكنها تُشكّل أيضًا شهادات على المقاومة والصمود، وعلى العلاقات القائمة والمستمرة بين الناس والأرض، فالذاكرة هنا تحضر كقوة حيوية وفاعلة تنتقل من جيل إلى آخر، وتساهم في رسم معالم المستقبل في مواجهة تهديدات المحو المستمرة.
جو نعمة هو فنان وموسيقي لبناني يقيم في لندن. تركز ممارساته الفنية على الصوت وتاريخه وأبعاده الاجتماعية وعلاقته بالبيئة المبنية من حوله، كما يعمل جو بشكل تعاوني على منحوتات وعروض أدائية في المساحات العامة تستكشف دور القوى السياسية في بناء وتشكيل الصوت مجتمعيًا. تستكشف أعمال جو أيضًا علاقة الديناميكيات الجندرية بالصوت، وأنماط تنقّل الآلات الموسيقية بين الثقافات، وتأثير الترجمة من لغة إلى أخرى وفي المؤلفات الموسيقية والأصوات والحركات الجسدية في الرقص.
كما تتضمن مشاريع جو تتبع تاريخ وأثر دور الأوبرا في إحدى عشرة دولة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى بحثه المتعمق في أرشيف الفنان الموسيقي المصري حليم الضبع، أحد روّاد الموسيقا الإلكترونية.