كتب أستاذ البلاغة والنقد في جامعة العلوم الإسلامية العالمية د. أحمد غالب الخرشة كلمة على غلاف الكتاب يشير فيها إلى أن "محمد فضيل التل يعد من أعلام الحركة الشعرية في الأردن، فقد استطاع أن يسجل لنفسه حضورا في الساحة الأدبية والثقافية من خلال تجربته الشعرية التي حرص على أن يجدد فيها شكلا ومضمونا، ويوظف فيها الظواهر الأسلوبية المتنوعة التي تمنح النص الشعري جمالياته وشعريته، غير أنه لم يحظ بدراسة شاملة تتناول خطابه الشعري وتظهر ما فيه من جماليات وسمات أسلوبية.
ويرى الخرشة، أن مؤلفة هذا الكتاب تسلط الضوء على منجز التل الشعري من خلال تناول التشكيل الأسلوبي في شعره، حيث استطاعت أبو يحيى أن توظف المنهج الأسلوبي في الكشف عن أبرز التشكيلات والظواهر الأسلوبية في شعره؛ كالصورة الشعرية، والأساليب اللغوية والإيقاعية، والتناص، فضلا عن حرصها على اختيار الأمثلة والشواهد الشعرية الدالة وتناولها بتحليل أسلوبي عميق. فهذا الكتاب يمثل إسهاما جديدا في الكشف عن تجربة التل الشعرية وإضافة نقدية تعمل على إضاءة جوانب من الحركة الشعرية الأردنية.
جاء الكتاب في أربعة فصول، يتناول الأول: الصورة الشعرية في شعر التل من خلال مبحثين: المبحث الأول: مصادر الصورة الشعرية، وتمثلت في الطبيعة الصامتة، أما المبحث الثاني، فقد تناول أنماط الصورة الشعرية، من تشبيه، واستعارة، وكناية، التي أظهرت الدلالات البلاغية من خلال دراسة نماذج مختارة من النصوص الشعرية الدالة على ذلك.
فيما يتحدث الفصل الثاني عن الأساليب اللغوية في ثلاثة مباحث، المبحث الأول: الأساليب الإنشائية، وتمثلت بالإنشاء الطلبي من أمر، ونهي، ونداء، واستفهام، وتمن، والمبحث الثاني، التقديم والتأخير، والمبحث الثالث: الحذف والذكر، إذ أوضحت الباحثة الأغراض البلاغية، والدلالات لهذه الأساليب في شعر محمود التل، ودورها في التعبير عن رؤية الشاعر.
فيما يتناول الفصل الثالث التشكيل الإيقاعي في مبحثين، المبحث الأول: الإيقاع الخارجي، من وزن وقافية، والمبحث الثاني: الإيقاع الداخلي، من تكرار وجناس وطباق، وأظهرت الباحثة ما تضمنته هذه الفنون البديعية من دلالات أسهمت في إحداث إيقاع مميز لجذب انتباه المتلقي، أما الفصل الرابع "التناص"، فقد جاء في ثلاثة مباحث، المبحث الأول: التناص الديني، والمبحث الثاني: التناص التاريخي، والمبحث الثالث: التناص الأدبي، ثم جاءت الخاتمة لتبين أبرز النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة.
في مقدمتها للكتاب تشير أبو يحيى إلى أنها في دراستها تسعى إلى تسليط الضوء على شاعر يعد أحد أقطاب التجربة الشعرية الأردنية الحديثة هو محمود فضيل التل، وعلى الرغم من ذلك لم يحظ بدراسات نقدية تتناول إنتاجه الشعري بشكل تام، مما دفعني إلى اختيار شعره ليكون موضوعًا لدراستي في محاولة للوقوف على أبرز التشكيلات الأسلوبية التي برزت فيه، ومن ثم تقدير المساهمة الفنية والأدبية لهذا الشاعر بغية الاقتراب أكثر من تجربة الشعر الأردني الحديث، والبحث في الآليات والأدوات التي تمكن من خلالها من امتلاك بنى جمالية خاصة ومتفردة في عالم الشعر العربي.
وتقول المؤلفة: "إن ما يميز هذه الدراسة عن غيرها أنها تتناول الإنتاج الشعري للشاعر بشكل عام وتركز على الدواوين الشعرية التي صدرت بعد العام 1995 خلافًا لدراسة الضمور الذي تناول أعماله الشعرية الصادرة قبل 1995. لتكون هذه الدراسة الأسلوبية الأولى لها، معتمدة في ذلك على المنهج الأسلوبي، لأنه منهج يعنى بدراسة النصوص الشعرية ليبين أساليبها ووسائل تشكيلها، أما الدواوين التي ستتم دراستها فهي: ديوان صحو الطوفان، ديوان أنشودة المستحيل، ديوان تحت جنح الليل، ديوان للحب سماء عالية، ديوان لقاء الليل وديوان شاطئ من نار الذي صدر بعد العام 1998.
وفي اختتام هذه الدراسة تقول أبو يحيى: "إنه توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج لعل أهمها، أن محمود فضيل التل شاعرٌ أجاد بناء نصوصه الشعرية، وقد استمد صوره من مصادر عدة، وأجاد هذه النصوص وضمنها صورا فنية اتخذت من التشبيه، الاستعارة والكناية ركنًا رئيسًا في تشكيلها، وقد ساعده في ذلك وفرة مفرداته، ولغته القوية التي تمكن من توظيفها وتطويعها في تشكيل هذه الصور، التي عبر من خلالها عن همومه ومعاناته وأحزانه".
إلى ذلك، وظف عددا من أشكال التشبيه التي ظهرت بصورة المفرد والتشبيه التمثيلي، وجاءت الاستعارة التي ظهرت بشكل واضح في شعره، وقد تنوعت بين الاستعارة المكنية والتصريحية. أما الكناية، فقد وظفها بقسميها الكناية عن الصفة وعن الموصوف، وجاءت أمثلة كل منها متنوعة وكثيرة، إلا أننا اكتفينا بجزء منها لإعطاء الطابع العام للصورة الشعرية في شعر محمود التل، فمصادر الصورة الشعرية وأنماطها في شعره تحتاج إلى الوقوف عليها في دراسة مستقلة.
كما أن التل نظم الشعر العمودي فضلًا عن شعر التفعيلة، حيث نجد أنه اعتمد على البحور الخليلية في قصائده العمودية، فوظف منها ما يتناسب مع غرض قصائده، والقافية التي أفاد منها الشاعر في لفت انتباه المتلقي، إضافة إلى تناسبها مع مضمون القصيدة، وتضمن الإيقاع الداخلي أنواعا مختلفة من الفنون البديعية، كالتكرار الذي جاء توظيفه واضحا بأشكاله كافة. وتبين أبو يحيى أن التل وظف في شعره التناص بصور متعددة، وعرض في شعره الكثير من القضايا، منها القضية الفلسطينية التي حظيت باهتمامه ونالت نصيبا من شعره، فضلًا عن صورة المرأة، البعد القومي، ونظرة الموت التي ظهرت بوضوح في شعره.