باحث بالجاهز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء
ناريتور مؤسسة اسمع كتاب
كاتبة قصصية
أصدقائك في عرار
:
غادة هيكل
الروح التى نخلقها ثم نرسلها فى الهواء الطلق إما لتحلق بنا أو تتركنا معلقين
ثربانتس
عزيزى ثربانتس
*********
عزيزى ثربانتس الذى حلق فوق الكون بجناحين من ريش نعام لقد تم فهمك خطأ على مر السنوات والقرون أنا فقط العربية الوحيدة التى حلقت معك فى رحلتك التى توحدت فيها مع الكون ومع الطبيعة تبحث فيها عن أخلاق اندثرت رغم قربها الزمنى منك فما بالك بى التى تبحث عن نفس الأخلاق بعد قرون مرت ، ابحث عنها فى رحلتك وفى عقلك الذى يبحث عن الحرية وفى قلبك الطيب الذى يملؤه الخير ولكن لا أحد يراه وفى سذاجة تصرفاتك التى تريحك من إجهاد الفكر والتخطيط ، لقد انطلقت بروحك لا بجسدك الواهى ، وعبرت كمثال للقيم المجردة التى خلا منها الكون وعفت عنها الإنسانية ، إنك الجانب المثالى من الوجود الذى حاول بكل جهده ألا يصرعه الواقع بكل آلامه
إنك دون كيخوته الروح التى حلقت مع بدن الانسان رفيقه سنشو بنثا ، هذا الرفيق الأصيل للروح ، اما تلك الباحة الغناء رفيقة الرحلة الخفية جميلة الجميلات التى من أجلها تواصلت الرحلة واستطالت دولثينيا أميرتك الغائبة أبدا (مفاتنها خارقة: ففيها تتجسد الصفات السحرية، التي لا يمكن تصوُّرها، للجمال، كما يصفها الشعراء في معشوقاتهم: شعرها جدائل من ذهب، وجبينها جنَّات عليين، وحاجباها قوسا قزح، وعيناها شمسان، وخداها وردتان، وشفتاها من المرجان، وأسنانها لؤلؤ، وجِيدها رخامٌ شفاف، وصدرها من المرمر، ويداها من العاج، وبياض بشرتها مثل الثلج...)إن هذا الوصف الذى يبلع قمة الرومانسية ويرقى بمداد العاشقين إلى أعلى مدى يجعلنى أراك فارسا فى الحب لا يجارى
لقد احتاروا بك هل أنت من العقلاء أم من البلهاء وانا اقول أنك روح محلقة لا تحتاج إلى عقل بل إلى قلب محب مثلك ، يعيد للأرض الحرية التى سلبت منها بالعقول
ايها الفارس الحزين الطلعة كما أطلق عليك سانشو ، هل هناك فارس حزين غير عاقل .
فارس بدون جواد وكيف لا فالفروسية كما قيل عنها أخلاق قبل السيف والحصان ولكنى
دون كيخوت وألف ليلة وليلة
*********
عزيزى دون كيخوته اننى اعتب عليك كثيرا ، رغم خيالك الجامح وفروسيتك التى تخلب اللب وحكاياك التى فاقت حكايا الف ليلة وليلة العربية ، إلا أنك بالغت كثيرا فى فروسيتك ونبالة موقفك وشغفك بالحرية التى انطلقت تبحث عنها فى حلك وترحالك منذ خروجك من لامنشا تبحث عن روحك العالقة بين واقع مؤلم ورغبة ملحة فى الانطالق والتحرر ، قد اسرت بكلماتك وحكيك كل من قرأ عنك وكل من سرد ملحمتك البطولية فى كل مكان حللت فيه حتى وأنت فى الأسر لم تزل ترغب فى كونك الفارس الملهم الذى خطف الاميره بعد ان وقعت فى غرامه وحررته من اسره ، ولكنى رغم شغفى بك وبرواياتك ووصفك لكل مكان وقعت عليه عيناك من طبيعة وطير وحيوان إلا أنك لم تعرف أن العرب وأنت اسيرا لديهم أصحاب فروسية حقيقة غير مبهمة ولا ملفقة كتلك التى عشتها انت أم كنت ترغب فى تواجدك هناك كفارس عظيم أن تصارع الفرسان والعرب وتصرعهم فى كل ما يمسهم من فروسية وكرامة وشجاعة بل وفى دينهم ايضا فلا عتب أن كصيرين من العرب حتى الان لا يقرأون كيخوته إلا لكونه مجنون محارب لطواحين الهوى وليس تأريخا شاملا سياسيا واجتماعيا واقتصاديا لفترة ما ، اعذرهم فى ذلك فقد تماديت كثيرا يا أسيرى المحبب ، هل تعلم ان الجزائر تحتفى بك كثيرا حتى الان فأنت لها فارس لا اسير ، كما عدت إلى شواطئ اسبانيا فارسا منتصر ، لتكمل رحلتك ونوادرك التى حدثت لك فى حلمك الطويل الذى لا ينتهى الا بنهايتك أيضا ، هذا الحلم الذى يغلفه الواقع بأحداثه فيصير واقعا ، بكل جمالياته وادبياته وأزمنته التى تطول بطول الحلم أو قصره .
الفارس المتجوّل النبيل ببلاد المانشا’ يفتح مغاليق العقل ويرخي لخياله العنان. ولابدّ أنّك دون كيخوته خلال رحلتك إلتقيت ورأيت في نومك العديد من الشّخصيات التي ذكرتها في سياق مغامراتك، وشطحاتك التي أذهلت وأخذت بمجامع وقلوب الملايين من القرّاء في العالم.
.
عزيزى ثربانتس أو دون كيخوته ، لقد سطرت بكل سلاسة السرد وحب المغامرة ورحلات الرحالة ونوادر المتندرين وعشق العاشقين رائعتك التى عاشت وسوف تعيش زمنا آخر تعبث بالقلوب وبالارواح وتبحث عن مفسرين جدد يبحثون بين ثناياها عن مواطن جديدة لم تُعرف بعد .
كتب
بتاريخ : 1344242921
عدد القراء : 380عدد التعليقات :0