تجدون ضمن هذه الصفحة، نصوصا في القصة القصيرة جدا، أو في القصة القصيرة، أو قصيدة النثر، أو الشذرة أو الحكمة أو الأقوال المميزة، شعارنا الإبداع والتميز وتقاسم الكلمة الجميلة الصادقة، بكل شرف ومصداقية....
مع تحياتي وتقديري للقائمين على هذا الموقع الرائد...
توقيع: الكاتب حسن قرى
حين يموت الصمت ( قصة قصيرة )
حين يموت الصمت ( قصة قصيرة )
لم أكن أعرفك، ولم أهتم يوما بمعرفة أخبارك. ما كان يتناهى إلى مسامعي ، لم يكن يغريني بالبحث في دفاترك، وأنا المولع بتتبع أثر الغرباء.لا أدري لماذا قفزت إلى ذهني هذه الليلة، وأنا أستعد لوضع هذه الكتلة الثقيلة على مخدتي، طلبا لنوم هادئ . لكن شبحك بدد هذه المتعة الناذرة عن عيوني. أيكفي أن أسمع من المذياع الذي لا يفارق لحظات استرخائي، "العلبة السوداء"، ليقف خيالك أمام عيني؟ ويكون حضورك فارقا بين لحظتي شقائي وراحتي. من بينها بدأت أشلاء الحكاية تتجمع في خيالي، فانتصب شبحك شامخا أمامي، ينظر إلي بثقة و هدوء، تجلله ابتسامة آسرة، ويحيطها غموض غريب. وكل غامض يستفزني. فمن الغموض تتفجر الأسرار، ومن السواد يشع خيط نور.هذا الخيط، تمسكت بأول طرفيه، ثم غصت في التفاصيل، وتداعيت لشريط الذاكرة. قالوا عنك " علبة سوداء".. قالوا عنك :" الحكيم المتواري"، بل قالوا:"الداهية الذي لايخطئ الهدف". هل أنت فعلا علبة سوداء؟ وهل فعلا كنت حكيما وداهية؟ ألا يبالغ هؤلاء في كل شيء؟ ألا يخطئون في تقدير منازل الناس؟ من خبرتي وتجربتي، لا يكرمك أو يقدرك هذا الكم الهائل من الناس، إلا لأنك شخص مختلف. واختلافك هو بصمة الله في شخصيتك. أأقول صوابا، أم هي مجرد هلوسة من حُرِم نعمة النوم لأيام؟ أحسست بيده الباردةتربت على كتفي، ويصلني صوته رزينا وهادئا. - لا عليك أيها الطيب، فللناس في ما يروون مذاهب... فركت عيني، ونزلتُ على خدي بصفعة لم تكن رحيمة.. ضحك من فعلتي ، ومسح على رأسي بيد أحسست بها تشبه لمسة أبي ، ثم قال: - لاتقسُ على نفسك، فليس بين الخيال والحقيقة، إلا غلالة رفيعة من الغباء أو الغفلة. سرعان ما تتلاشى وصدمات الواقع... قلت مدفوعا بطيبوبته التي غمرت المكان: - إذن حين غرقت القرية التعيسة في البلاء، كنتم بصدد إزالة هذه الغلالة، ليستفيق الناس من غفلتهم؟ أليس صحيحا؟ ابتسم ، غاص في صمت طويل، وأغرقني في هواجس ثقيلة... - إذن عرفت الآن سر حكمة الصمت التي تتدثرون بها؟ تتركون التائهين من أمثالنا يغرقون في ثرثراتهم التافهة. يشربون في غفلة، من كؤوس الحرمان، فتتشبع أرواحهم بروح الهزيمة. لم أستفزه بكلامي، بل لم يُحرِّك شيئا من هدوئه واتزانه. بادرني: - للإنتصار آباء كُثُر، أما الهزيمة فلها مشْجب واحد... قلت بحدة: - لماذا تتركون لحرقة السؤال، شقوقا تتسلل منها الإشاعة، ويجلِّلُها الشّك؟؟؟ نظر إلي نظرة خاصة، ثم انصرف باسما. مما أغرقني في هواجس محيرة...أيكون هو؟؟؟ على سكة السؤال، مرقطار الغروب كالبرق، قاسما جسر الصمت...
توقيع: حسن قرى مراكش في: 14 /12/2014
كتب
بتاريخ : 1418517735
عدد القراء : 773عدد التعليقات :0