علي القيسي
عند قراءتي لكتاب «ربع قرن» الصادر حديثا للكاتبة الشابة جنان رزمك، وقفت بداية عند عنوان الكتاب، ماذا تعني الكاتبة بـ»ربع قرن»؟
ولكن لم يطل التساؤل حتى علمت أن عمر الكاتبة هو ربع قرن، خمسة وعشرون عاما، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على التزام الكاتبة بتوثيق مضي الأعوام من عمرها بهذا المؤلف وهو الأول، فعند مضي ربع قرن كان الكتاب الأول.
أما صفحات الكتاب وعناوين الخواطر أو النصوص فلها حكاية أخرى، ثمة كاتبة مبتدئة وهذا لا يضيرها، فكل البدايات تبدأ من الصفر أو من رقم واحد، وكل الكتاب وأصحاب المواهب الأخرى بدأوا من بداية السلم، أما من حيث مضمون الخواطر وأسلوب الكتابة لغة وفكرا وفنا وأسلوبا عند جنان،فذلك هو بيت القصيد، فالكاتبة جنان موهوبة ولديها إرادة بأن تكون ذات يوم كاتبة محترفة، وهذا ما لمسته في سطورها وجملها ومفرداتها في مؤلفها ربع قرن، فهي تكتب بمشاعر وعاطفة وفكر متوازن مع نصوصها، تدقق في عباراتها وحذرة في انتقاء ألفاظها، لتتناسب مع المعاني والدلالات في نصوصها التي تميل إلى الوجدانية والعاطفة والمحبة، هي تكتب بضمير الأنا وهو ضمير المتكامل، وهذا يدلل على الالتزام بتوصيل رسائل معينة، إلى ما تشعر به من عواطف جياشة،نحو الحياة والكون والإنسان.
كاتبة جادة في التعبير عن أفكارنا ومشاعرنا، وتحمل رسالة سامية عبر خواطرها الأدبية، في سطور الصفحات هناك أدب حقيقي، لا يخفى على أحد، وثمة كاتبة تجيد فن البوح المغلف بالرمزية أحيانا، ففي خواطرها شفافية إنسانية مسربلة بالكلمات المعبرة عن حالات عامة،عن ما يحتاج صدور الناس من أسرار ومعاناة لا يستطيع المرء كتمانها إلى الأبد، إذا كان هذا الشخص يستطيع التعبير عنها بالكلمة والكتابة الإبداعية، وهذا ما قرأته في انبلاج الحب، ونظير الروح، وفي «ربع قرن» حيث تقول:
(ربع قرن مطويات في هذه الصفحات
الورق يحمل بين ثناياه مشاعر أنثى
يذيبها في دمي كقطعة سكر فيزيدها حلاوة).
كتاب «ربع قرن» عندما تطالع صفحاته، تكتشف أن هناك كاتبة واعدة، ينتظرها مستقبل أدبي واعد، في الكتابة الأدبية وأجناسها المختلفة، وربما تكون كاتبة قصة أو رواية، أو ربما شاعرة ولا ندري أين يستقر إبداعها ويصنف، لديها جمل وعبارات شعرية في نصوصها، واضح ذلك في العناوين والكلمات الرومانسية الرقيقة،التي لا تخلو منها صفحة، ومحور هذه الصور الشعرية تدور حول الحب، الحب وأسراره شؤونه وشجونه، فالحب هو الأساس والمحرك لكل هذه المشاعر والأحاسيس والذوق الراقي والرائع.
حقيقة أن القارئ لـ(ربع قرن) يجد أن هناك كاتبة حقيقية لكنها في البدايات، وهذه البدايات عند جنان، متقدمة جدا، رغم أن هذا إصدارها الأول، وهذا يحفزها على الاستمرار والاجتهاد اكثر، في صقل هذه الموهبة وتعزيزها بالقراءات المكثفة والمتنوعة.
فالموهبة حتى تصل إلى درجة الإبداع والاحتراف لابد لها من تجارب ومحاولات كثيرة حتى تنضج، وهنا تكون الكرة في ملعب الكاتبة وعليها الاستمرار في تنمية ثقافتها ومطالعتها الكتب الأدبية وأمهات الكتب القديمة، حتى يتمكن أو تتمكن من الكتابة الإبداعية العميقة، فكلما زادت مطالعاتها وتنوعت كلما أثرى تجربتها الكتابية وأصبحت قادرة على الإبداع والتميز والتفرد.
وفي الختام أرجو للكاتبة جنان التوفيق ودوام النجاح في تجربته الأدبية، المبشرة والواعدة بكاتبة تمتلك أدواتها الكتابية في هذا الإصدار، فعندها اللغة قوية، في المبنى والمعنى، والأسلوب سلس وشيق، والثقافة عالية.