|
|
عرين معن أبوعمرو .. تكتب «برميل التفاح» بالكلمة والرسمة
عمان :
كان يا مكان في قديم الزمان في سالف العصر الآوان لحتى كان، يُحكى أنَ هناك عائلةٌ تعيشُ ميسورةَ الحال، تتكون من أمٍ وأبنائها الخمسة وأبٍ قد فارق الحياة، وكانت هذه الأمُ تُعرفُ بنشاطها الدؤوب تعملُ ليلا ونهارا دون أن تكلّ أو تتعب، وكان أبناؤها الخمسةُ:عليٌ وعبادة وعمر وعبيرٌ وعبدالرحمن يساعدونها في أعمالِ البيتِ وفي الحقلِ. يُذكرُ أن هذه السيدةُ كانت كلَ صباحٍ مع إشراقةِ شمسِ يومٍ جديد تذهبُ إلى البستانِ لقطفِ التفاحِ من أجلِ إطعامِ عائلتها وبيعِ ما تبقى لديها من التفاح، ثم تعودُ للبيتِ ومعها سلةٌ مليئةٌ بالتفاح. فتُعطي أبناءها كلَ صباحٍ ومساءٍ حبةً من التفاح ليبدؤوا يومهم بهمةٍ ونشاطٍ وهذا يُغنيهم عن الذهابِ إلى الطبيبِ لما في فاكهةِ التفاحِ من فوائدٍ جمة؛ ولكنَ عبدالرحمن لم يكن يأكلُ التفاح، فكان يخدعُ أمه بأنه قد أكلَ التفاح، فكان يذهبُ إلى الغابةِ ويضعُ حباتِ التفاحِ في برميلٍ كبير، وبقي على هذا الحال إلى أن امتلأ البرميلُ بالتفاحِ خادعاً أُمهُ بأنه قد أكلهُ. فذات يومٍ جفَّ المحصولُ وذبُلَت أشجارُ التفاحِ فضاقت الدنيا بالأمِ الحزينةِ وضاع تعبُ عمرها ومجهودها سُدى، وأصبحَ الحزنُ لا يفارقها أبداً. يااا آلهي، من أين لي بالنقودِ لإطعامِ عائلتي الصغيرة فكنتُ أبيعُ التفاحَ لأرتزقَ أنا وعائلتي فليسَ لي عملٌ آخر سوى زراعة التفاحِ وبيعه، فأهلُ القريةِ يحبونَ التفاحَ الذي ازرعهُ فيعطوني أجراً مضاعفاً. آهٍ يا أبنائي كم أنا حزينةٌ من أجلكم. يا ربي الهمني الصبر والثقةَ بالنفسِ لكي أقومَ من جديد واواجه هذه المحنةُ العصيبة، وفي الصباحِ الباكرِ جاءِ اللّحام يطلبُ من السيدةٌ فاطمة أن تُسدد ما عليها من ديون وبأنها قد تراكمت عليها كثيراً. هنا اخفضت الأمُ رأسها حابسةً الدمعَ في عينيها راجيةً متوسلةً اللّحام أن يُمهلها بعضَ الوقتِ واعدةً إياه بسدادها في القريب العاجل. وفي تلك الأثناء قالت عبير: أنا جائعةٌ يا أمي منذ الأمس لم أذق الطعام وأظنُ أن إخوتي كذلك، قالت الأمُ في سرِّها لم يبق لدينا سوى فُتاتٍ منَ الخبز والقليل من الجُبن. حسناً يا عبير إذهبي وسأعدُ لكِ ولإخوتك الطعام، جلست العائلةُ على المائدة وبدأت بتناول الطعام، قال عباده: ما هذا الطعامُ يا أُمي، هذا قليلٌ ولا يكفي وأنا أريدُ اللّحمَ وشوربة الخضارِ والأرز. ردّت عليه عبير كُل يا عباده وقل بسمِ الله فغيركَ نائم بالعراء يحلمُ أن يأكلَ مثل هذا الطعام. فانهارت الأمُ باكيةً صارخةً، ساعدني يا الله، ساعدني يا الله، من أين لي ببذور التفاح لأزرعها في الحقلِ لأطعمَ أطفالي الصغار.فتذكر عبد الرحمن برميلُ التفاح. نعم، فقد تذكرتُ برميلُ التفاح، فقالت الأم وأبناؤها: ماذا تقصدُ ببرميلُ التفاحِ يا عبد الرحمن؟ قال عبد الرحمن:تعالوا معي إلى الغابةِ وستعرفون ماذا أقصد.سار عبد الرحمن إلى الغابة وأمه وإخوته يتبعونه بلهفٍ وشغفٍ. فإذا ببرميل كبير مليء بالتفاح. صاحت العائلةُ ما هذا يا عبدالرحمن؟ من أينَ لك بكلِ هذا التفاح؟ أخبرَ عبدالرحمن أمهُ بالحقيقةِ بأنه لم يكن يحبُ التفاح وكان يضعه في هذا البرميل بعيداً عن أعينيكم حتى لا توبخينه وتغضبي منه. شكرت الأمُ الله بأن قد أخرجها من هذه المحنةُ ووجدت أخيراً بذورَ التفاح. فبدأت العائلةُ بانتزاعِ بذور التفاح في عجلةٍ من أمرها وعادوا مسرعينَ إلى البيت فتعاونوا مجدداً على زرعِ البذورِ. فعادت الأرضُ كما كانت وسدت السيدةُ فاطمةُ ديونها المتراكمةُ وأصبحت حياتها أفضل من السابق، وأخذت وعداً من عبدالرحمن بأن يأكلَ التفاح الذي تزرعهُ أمهُ وعاشوا بأمانٍ وسلام. الدستور الاردنية
الكاتب:
اسرة النشر بتاريخ: السبت 16-02-2019 08:25 مساء الزوار: 879
التعليقات: 0
|
|