«حين صاح الديك الكسول» قصة: وسام جمال سعد رسوم: راني البرقاوي سلسلة كتب الأطفال تصدرها وزارة الثقافة (70) لسنة 2014 قصة «حين صاح الديك الكسول» جاءت ضمن مجموعة قصصية أصدرتها وزارة الثقافة باسم (لماذا هربت ألعاب ليث) التي احتوت على ثلاث قصص مناسبة للأطفال (6-8)سنوات. وامتازت بالرسوم التوضيحية وكذلك ترجمة باللغة الإنجليزية. تتحدث القصة كيف ينتصرالحاكم للمظلوم بالدهاء والحكمة، عندما تغيب الأدلة، ويسلم المعتدي وكيف أن السجن ليس هو الحل الوحيد لمواجهة المعتدين بل إن إجبارالمعتدي على تقديم خدمة المجتمع والتصحيح الزائد لسلوكه المشين من شأنه أن يعود بالنفع على المجتمع. تحكي قصة» حين صاح الديك الكسول» عن ديك يتمدد مسترخياً، يسخرفي سره، من الدجاجة (جوجو)التي تقطع الأميال لتأمين قوت كتاكيتها. يكمل الديك مشوار لؤمه، بتكرار انقضاضه على (جوجو) واختطافه سلة الغذاء منها.ليتمتع بطعام دون تعب. ويأتي الأرنب إلى جوجو الباكية يقدم لها نصيحة أن تشتكي إلى الاسد الحاكم. وتعمل جوجو بنصيحته، ولكن لم تستطع اظهار برائتها ويستمر مسلسل خطف السلة. واستسلام جوجو. أثناء تجوال الأسد مستطلعاً أحوال رعيته، يشاهد الديك يحمل سلة غذاء خطفها من (جوجو ) ويسأله ماذا لديك في السلة فيجيب الديك أن لديه بعض الحبوب، ويكتشف الأسد كذب كوكو ويخبره الأسد أن عليه دفع ضرائب مشترياته ويصير الديك يستعطف الأسد أن ليس لديه نقود لذلك. فيطلب منه الأسد أن يقدم خدمة للدجاجة وكتاكيتها بإطعامهم وتنظيف القن الخاص بهم وجلب الماء. وكذلك أن يقوم الديك بالصياح عند انبلاج الفجر(العمل الأصلي له)، وذلك بدل الضرائب. ويستمر الديك بتقديم الخدمات وتعيش الدجاجة بسعادة. تدور أحداث هذه القصة في سياق محدد، هو الغابة. والأحداث تتركز حول شخصية ديك بينت الكاتبة «وسام سعد» أبعادها الثلاث فالوصف الخارجي له أنه ديك، والظروف المحيطة أنه يعيش في غابة، ووصفه النفسي أنه ديك كسول يقضي الوقت متمطيا، ساخراً من الدجاجة التي تجلب طعام كتاكيتها من أبعد الأماكن. ليس ساخراً فقط بل وسارق. أعطت الكاتبة ومنذ بداية القصة للدجاجة اسماً هو (جوجو) ولم نعرف أن للديك (وهو الشخصية المحورية) اسماً إلا بعد مضىيِّ أحداث كثيرة. وكذلك لم يكن في القصة أسماء لبقية شخوصها من أسد وأرنب ودب. وكان يفضل أن تمنح شخوصها اسماءً. وهنا أجد انه من المفيد إثراء قصة الأطفال بمفردات خاصة بجو القصة ويمكن للكاتبة أن تستخدم في وصف صغار الدجاجة» كتاكيت» بدلا من كلمة أبنائها. وتستخدم في وصف بيت الدجاجة «قن « بدلا من منزل. أوضحت القصة أن للشخصية المحورية هدفاً ودافعاً كان الديك (كوكو)يهدف أن يحصل على أمور معيشته بكل سهوله ويسر، بدافع الراحة وعدم التعب. تنتمي هذه القصة إلى حكايات المرآة، تلك الحكايات التي تدور حول أحداث قد يعيشها الطفل فعلا. وهي التنمر الذي يعانيه الأطفال الصغار من الأكبر سنا، مما يساعد الطفل القارئ على تقبل الحكاية والتفاعل مع أحداثها والتعاطف مع الدجاجة (جوجو) التي تتعرض إلى تنمرالديك (كوكو). ليتعلم الصغار كيف يمكن ل(جوجو) أن تنجو من التنمر. وكمثل معظم الحكايات الموجهة للصغار وبالأساس القصة التي بين يدينا هي حكاية أخلاقية، هدفت إلى تعليم الأطفال أن الشر لا يستمر طويلا، وأن هناك طرقاً لعودة الخير. فالتنمر هو سلوك مشين يجرح، ولكن أن يتلقى المتنمر جزاءه ذلك يشفي الجرح.وخلوالحوارفي القصة من الوعظ المباشر، وهذا يعد نجاحاً في السرد والهدف. قدم الصراع الخارجي في القصة توضيحا للشخصيات فالديك (كوكو) مراوغ والدجاجة (جوجو) مغلوب على أمرها. واستمرار الصراع على نحو استمرار التنمر واستيلاء (كوكو) على سلة غذاء (جوجو) دعا القارئ الصغير إلى قلب الصفحات لمعرفة ما يمكن أن يحدث بعد ذلك. خاصة أن هناك عقبة استطاع (كوكو) اجتيازها وهي المحاكمة، فلم يستطع الأسد اتهامه. لكن مع إضافة منعطف جديد للأحداث جعل للصراع أهمية في نمو القصة وقلب التوقعات. «في صباح اليوم التالي قررالأسد أن يتجول في الغابة مع وزيره الدب فرأى الديك يحمل سلة طعام فسأله: ماذا اشتريت اليوم يا (كوكو)؟ تلعثمم الديك فهو لا يعلم ما بداخل السلة التي سرقها للتو من الدجاجة « (صفحة32). وهكذا يتأكد الأسد في نفسه أن الديك قد سرق السلة،فهو لا يعرف محتوياتها. هنا اشتد التوتر الذي يزيد التشويق لمعرفة النهاية. واذا تطرقنا لشخوص القصة، ومدى مناسبة عددها لجو القص نجدها مناسبة، القصة فيها كوكو الديك وجوجو الدجاجة والأسد ملك الغابة والدب، وهؤلاء هم شخوص رئيسة كان من الممكن ان تكتفي بهم الكاتبة فالعدد الكلي للشخصيات يجب أن يتناسب مع القصة ولم يكن هناك حاجة الى الأرنب الذي اختفى من البداية ولم تستخدمه الكاتبه للشهادة لصالح (جوجو). لو نظرنا إلى حبكة القصة، والتي هي سلسلة الأحداث المرتبطة بالسبب والنتيجة، لوضع المزيد من الضغوط على الشخصية الرئيسية. نجد أن الشخصية هنا (كوكو) قد تعرض لمأزق المحاكمة أمام الأسد واستطاع أن ينفذ ويظهربراءته. الموقف القصصي ساعد في نمو القصة فلا بد للمظلوم أن يسعى لرفع الظلم عن نفسه وفي المحكمة أمام الأسد قالت (جوجو) إن ليس عندها شهود. والمأزق الثاني الذي تعرض له كوكو هو مقابلته للأسد في الصباح التالي بعد أن خطف سلة جوجو بقليل. وسأله الأسد ماالذي تحمله في سلتك يا كوكو؟ ولم يكن كوكو يعرف محتويات السلة. هذه الضغوط جميعها أدت إلى تراكم أحداث بنية الحبكة التي اعتمدت الكاتبة في كتابتها على نوع البنية الخطية (يوم في الحياة). وهي، يوم في حياة ديك يحتال لكسب عيشه وكسول لا يصيح لإيقاظ الناس فجراً. خارطة الطريق هذه التي شكلت أحداث القصة الجادة والتي تتعلق بأهمية رفع الظلم عن المظلومين وايقاف الظالمين عند حدهم. أن تترك حلول المشكلات في القصص للصدفة فتلك آفة الكتابة.وفي القصة الموجهة للطفل تكون الطرق المتبعة لإيجاد الحل أكثر أهمية من حدوث الحل نفسه، والأسد كان يجب عليه أن يخطط للقاء الديك لكشفه على حقيقته، ولكن الكاتبة تركت ذلك للصدفة. ولكن في تلك اللحظة كان كوكو يسيرسعيداً كعادته. ولو أوضحت القصة أن الأسد يترصد للإيقاع ب كوكو وإثبات حق جوجو ستكون الأحداث فعلاً قد وصلت نقطة اللاعودة.والقارئ الصغير لن يفلت الكتاب من قبضته ليعرف كي ستصير الامور. ولكن الصدفة هي التي صنعت اللحظة، «في صباح اليوم التالي قرر الأسد أن يتجول في الغابة مع وزيره الدب فرأى الديك يحمل سلَّة طعام»(صفحة32)